الضمة كسرة وأما ما روي عن حمزة من الجمع بين الضم والكسرة فمحال لا يقدر الإنسان أن يتكلم به إلا على الإيماء.
وقد فسر الجمهور الجيوب بما قدمنا، وهو المعنى الحقيقي وقال مقاتل: إن معنى (على جيوبهن) على صدورهن، فالمضاف محذوف، أي على مواضع جيوبهن، وقد أخرج البخاري في صحيحه وأبو داود، والنسائي والبيهقي وغيرهم في سننهم، عن عائشة قالت: رحم الله النساء المهاجرات الأولات، لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن أكثف مروطهن فاختمرن به، وأخرج الحاكم وصححه، وابن جرير وغيرهما عنها بلفظ أخذ النساء أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها.
(ولا يبدين زينتهن) أي مواضع الزينة الباطنة، وهي ما عدا الوجه والكفين، كالصدر والساق والرأس ونحوها، قال الخطيب: أي الزينة الخفية التي لم يبح لهن كشفها في الصلاة، ولا للأجانب وقال أبو السعود: كرر النهي لاستثناء بعض مواضع الرخصة باعتبار الناظر، بعد ما استثنى بعض موارد الضرورة باعتبار المنظور فقال:
(إلا لبعولتهن) أي لا يدعن الجلباب والخمار إلا لأزواجهن، والبعل هو الزوج والسيد في كلام العرب، وقدم البعول لأنهم المقصودون بالزينة، ولأن كل بدن الزوجة والسرية حلال لهم، ومثله قول سبحانه (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) [المؤمنون: ٥ - ٦] ثم لما استثنى الله سبحانه الزوج أتبعه باستثناء ذوي المحارم فقال:
(أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ) فجوز للنساء أن يبدين الزينة الباطنة لهؤلاء لكثرة المخالطة الضرورية بينهم وبينهن وعدم خشية الفتنة من قبلهم، لما في الطباع من النفرة عن مماسة القرائب وقد روي عن الحسن والحسين رضي الله