(والله يرزق من يشاء بغير حساب) فإنه تذييل مقرر للزيادة، ووعد كريم بأنه تعالى يعطيهم غير أجور أعمالهم، من الخيرات بما لا يفي به الحساب والمعنى من غير أن يحاسبه على ما أعطاه، أو أن إعطاءه سبحانه لا نهاية له. قال الكرخي: وضع الموصول موضع ضمير (هم) للتنبيه بما في حيز الصلة على أن مناط الرزق المذكور محض مشيئته تعالى لا أعمالهم المحكية وذلك تنبيه على كمال قدرته، وكمال جوده، وسعة إحسانه، ولما ذكر سبحانه حال المؤمنين، وما يؤول إليه أمرهم ذكر مثلاً للكافرين فقال:
(والذين كفروا أعمالهم) التي هي من أعمال الخير، كالصدقة، والعتق والوقف، والصلاة، وفك العاني، وعمارة البيت، وسقاية الحاج (كسراب) هو ما يرى في المفاوز من لمعان الشمس عند اشتداد حر النهار، على صورة الماء في ظن ما يراه، وسمي سراباً لأنه يسرب، أي: يجري كالماء؛ يقال: سرب الفحل، أي مضى، وسار في الأرض ويسمى الآل وقيل الآل هو الذي يكون ضحى، كالماء إلا أنه يرتفع عن الأرض. حتى يصير كأنه بين السماء والأرض (بقيعة) أي فيها فالباء بمعنى في، وهو جمع قاع وهو الموضع المنخفض الذي يستقر فيه الماء مثل جيرة وجار قاله الهروي.
وقال أبو عبيدة: قيعة وقاع واحد، حكاه النحاس قال الجوهري: القاع المستوى من الأرض والجمع أقوع وأقواع وقيعان صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها، والقيعة مثل القاع قال: وبعضهم يقول هو جمع والقاع ما انبسط من الأرض واتسع ولم يكن فيه نبت وفيه يكون السراب، وقرئ بقيعاه بهاء مدورة كما يقال رجل عزهاه، وقيعات بتاء مبسوطة وقيل الألف متولدة من إشباع العين على الأولى وجمع قيعة على الثاني.
(يحسبه الظمآن ماء) الظمآن العطشان، وقرئ الظمآن بغير همز،
والمشهور عنهم الهمز، وتخصيص الظمآن بالحسبان مع كون الريان يراه كذلك. لتحقيق التشبيه، المبني على الطمع، ولأنه أحوج إليه من غيره، فالتشبيه به أتم.


الصفحة التالية
Icon