قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٦) وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٩) تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (١٠) بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (١١)
(قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض) أي ليس ذلك مما يفترى، ويفتعل، بإعانة قوم وكتابة آخرين من الأحاديث الملفقة وأخبار الأولين بل هو أمر سماوي أنزله الذي يعلم كل شيء لا يغيب عنه شيء من الأشياء فلهذا عجزتم عن معارضته ولم تأتوا بسورة مثله، وخص السر للإشارة إلى انطواء ما أنزله سبحانه على أسرار بديعة، لا يبلغ إليها عقول البشر، والسر: الغيب، أي يعلم الغيب الكائن فيهما.
(إنه كان غفوراً رحيماً) تعليل لتأخير العقوبة أي: إنكم، وإن كنتم مستحقين لتعجيل العقوبة بما تفعلونه من الكذب على رسول الله - ﷺ -، والظلم له فإنه لا يعجل عليكم بذلك لأنه كثير المغفرة والرحمة، ثم لما فرغ سبحانه من ذكر ما طعنوا به على القرآن، ذكر ما طعنوا به على الرسول - ﷺ - فقال:
(وقالوا مال هذا الرسول)؟ في الإشارة هنا تصغير لشأن المشار إليه، وهو رسول الله - ﷺ - وسموه رسولاً استهزاء وسخرية، وحاصل ما ذكر هنا ستة قبائح، والأخيرة هي قوله (إلا رجلاً مسحوراً) وقد ردّ الله عليهم هذه الستة إجمالاً في البعض، وتفصيلاً في البعض، والمعنى، أي شيء. وأي سبب حصل، لهذا الذي يدعى الرسالة حال كونه (يأكل الطعام) كما نأكله.


الصفحة التالية
Icon