(ويمشي في الأسواق) ويتردد فيها لطلب المعاش كما نتردد، زعموا أنه كان يجب أن يكون الرسول ملكاً مستغنياً عن الطعام، والكسب، والاستفهام للإنكار، وهو يرجع إلى السبب مع تحقق المسبب، وهو الأكل والمشي، ولكنه استبعد تحقق ذلك لانتفاء سببه عندهم، تهكماً واستهزاء، والمعنى: أنه إن صح ما يدعيه من النبوة فما باله يخالف حاله حالنا؟ (لولا) للتحضيض، هذا ما استظهره ابن هشام، بعد نقله عن الهروي أنها للاستفهام أي: هلا.
(أنزل إليه ملك فيكون معه نذيراً) طلبوا أن يكون النبي مصحوباً بملك. يعضده ويساعده، تنزلوا عن اقتراح كون الرسول ملكاً، مستغنياً عن الأكل والكسب، إلى اقتراح أن يكون معه ملك يصدقه، ويشهد له بالرسالة
(أو يلقى إليه كنز) تنزلوا من مرتبة نزول الملك معه إلى اقتراح أن يكون معه كنز يلقى إليه من السماء، ليستغني به عن طلب الرزق.
(أو تكون له جنة يأكل منها) قرأ الجمهور بالفوقية، وقرئ بالتحتية لأن تأنيث الجنة غير حقيقي، وقرئ نأكل بالنون، أي: بستان نأكل نحن من ثماره، وبالتحتية، أي: يأكل هو وحده منه، ليكون له بذلك مزية علينا، حيث يكون أكله من جنته: قال النحاس: والقراءتان حسنتان، وإن كانت القراءة بالياء أبين، لأنه قد تقدم ذكر النبي - ﷺ - وحده، فعود الضمير إليه أبين.
عن ابن عباس قال: إن عتبة بن ربيعة وأبا سفيان بن حرب، والنضر ابن الحرث، وأبا البختري والأسود بن عبد المطلب، وزمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبا جهل بن هشام، وعبد الله بن أبي أمية، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل، ومنبه بن الحجاج، اجتمعوا فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد وكلموه، وخاصموه، حتى تعذروا منه، فبعثوا إليه، إن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك.
قال: فجاءهم رسول الله - ﷺ - فقالوا: يا محمد، إنا بعثنا إليك لنعذر


الصفحة التالية
Icon