إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (١٢) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (١٣) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (١٤) قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (١٥) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (١٦)
لهذه الآية، كما أن الجنة كذلك لقوله تعالى (أعدت للمتقين) ووضع الساعة موضع ضميرها للمبالغة في التشنيع وإعداد السعير لهم وإن لم يكن لخصوص تكذيبهم بالساعة بل لأي تكذيب بشيء من الشريعة، لكن الساعة لما كانت هي العلة القريبة لدخولهم السعير، اقتصر على ترتيب الإعداد على التكذيب بها.
(إذا رأتهم) قيل: معناها إذا ظهرت لهم فكانت بمرأى الناظر في البعد، وقيل: المعنى إذا رأتهم خزنتها وقيل: إن الرؤية هنا حقيقية وكذلك التغيظ والزفير، ولا مانع من أن يجعلها الله سبحانه مدركة هذا الإدراك، وهو الأرجح ومعنى (من مكان بعيد) أنها رأتهم وهي بعيدة عنهم، قيل: بينها وبينهم مسيرة خمسمائة عام، وقيل: عام.
وعن ابن عباس قال: من مسيرة مائة عام، وذلك إذا أتى بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام، يشد بكل زمام سبعون ألف ملك لو تركت لأتت على كل بر وفاجر، فترى تزفر زفرة لا تبقى قطرة من دمع إلا بدت، ثم تزفر الثانية فتقطع القلوب من أماكنها، وتبلغ القلوب الحناجر.
وعن رجل من الصحابة قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " من يقل عليّ ما لم أقل، أو ادعى إلى غير والديه أو انتمى إلى غير مواليه فليتبوأ بين عيني جهنم مقعداً "، قيل: يا رسول الله وهل لها من عينين؟ قال: " نعم أما سمعتم الله يقول: (إذا رأتهم من مكان بعيد)؟ " أخرجه عبد بن حميد


الصفحة التالية
Icon