التراب وحطام الشجر. وعنه هو الماء المهراق. والمعنى الأول هو الذي ثبت في لغة العرب، ونقله العارفون بها، والمنثور المفرق، والمعنى أن الله سبحانه أحبط أعمالهم حتى صارت بمنزلة الهباء المنثور، لم يكتف سبحانه بتشبيه عملهم بالهباء حتى وصفه بأنه متفرق متبدد، وبالجملة هو استعارة عن جعله بحيث لا يقبل الاجتماع ولا يقع به الانتفاع. إذ لا ثواب فيه، لعدم شرطه ويجازون عليه في الدنيا. ثم ميز سبحانه حال الأبرار من حال الفجار فقال:
(أصحاب الجنة يومئذ) أي يوم القيامة (خير مستقراً) أي أفضل منزلاً في الجنة، من الكافرين في الدنيا (وأحسن مقيلاً) أي موضع قائلة فيها، أو هم خير منهم في الآخرة لو فرض أن يكون لهم ذلك، أو أفعل لمجرد الوصف من غير مفاضلة. عن ابن عباس قال: في الغرف من الجنة. قال النحاس: والكوفيون يجيزون " العسل أحلى من الخل ". قال ابن مسعود: لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار. وقال الأزهري: القيلولة عند العرب الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر، وإن لم يكن مع ذلك نوم لأن الله تعالى قال: (وأحسن مقيلاً) والجنة لا نوم فيها.
وقال ابن عباس: الحساب في ذلك اليوم في أوله، ويروى أن يوم القيامة يقصر على المؤمنين حتى يكون كما بين العصر إلى الغروب. والآية أشارت إلى أن كُلاًّ من أهل الجنة وأهل النار قد قالوا، أي: استقروا في وقت القيلولة، وإن كان استقرار المؤمنين في راحة، واستقرار الكافرين في عذاب فيكون الحساب لجميع الخلق قد انقضى في هذا الوقت.
(ويوم تشقق السماء بالغمام) وصف سبحانه هاهنا بعض حوادث يوم القيامة، والتشقق التفتح، قرئ بتخفيف الشين وأصله تشقق، وقرئ مشدداً على الإدغام، والمعنى أنها تتشقق عن الغمام لأن الباء وعن، تتعاقبان كما تقول رميت بالقوس. قال أبو علي الفارسي: تشقق السماء وعليها غمام كما تقول: ركب الأمير بسلاحه. أي: وعليه سلاحه، وخرج بثيابه، أي: وعليه ثيابه، وروي أن السماء تتشقق عن سحاب رقيق، أبيض، مثل


الصفحة التالية
Icon