(الملك يومئذ الحق للرحمن) أي الملك الثابت الذي لا يزول ولا يشركه فيه أحد، للرحمن يومئذ، لأن الملك الذي يزول وينقطع، ليس بملك في الحقيقة. ولأن السلطان الظاهر والاستيلاء الكلي العام الثابت صورة ومعنى ظاهراً وباطناً بحيث لا زوال له أصلاً، لا يكون إلا الله تعالى. فالملك مبتدأ، والحق صفته، وللرحمن خبره، ويومئذ متعلق بالملك، وفائدة التقييد بالظرف. أن ثبوت الملك المذكور له سبحانه خاصة في هذا اليوم، وأما فيما عداه من أيام الدنيا فلغيره أيضاً ملك في الصورة، وإن لم يكن حقيقياً. وقيل إن خبر المبتدأ هو الظرف، والحق نعت للملك. والمعنى الملك الثابت للرحمن خاصة في هذا اليوم، وقيل الملك مبتدأ، والحق خبره، وللرحمن متعلق بالحق.
(وكان يوماً على الكافرين عسيراً) أي وكان هذا اليوم مع كون الملك فيه لله وحده، شديداً على الكفار لما يصابون به فيه وينالهم من العقاب، بعد تحقيق الحساب. وأما على المؤمنين فهو يسير غير عسير لما ينالهم فيه من الكرامة والبشرى العظيمة. وجاء في الحديث " أنه يهون يوم القيامة على المؤمن، حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا ".
(و) اذكر (يوم يعض الظالم على يديه) الظاهر أن العض هنا حقيقة ولا مانع من ذلك، ولا موجب لتأويله، قال عطاء: يأكل الظالم يديه، حتى يأكل مرفقيه، ثم ينبتان، ثم يأكلهما، وهكذا كلما نبتت يداه أكلهما تحسّراً على ما فعل، ذكره الخازن. وقيل هو كناية عن الغيظ والحسرة والأول أولى. والمراد بالظالم كل ظالم يرد ذلك المكان وينزل ذلك المنزل، ولا ينافيه ورود الآية على سبب خاص، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وعن ابن عباس قال في الآية: هو أبيّ بن خلف، وعقب: بن أبي معيط وهما الخليلان في جهنم.
(يقول يا) قوم (ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً) أي طريقاً. وهو طريق الحق ومشيت فيه، حتى أخلص من هذه الأمور المضلة. والمراد اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما جاء به، يعني ليتني اتبعت محمداً صلى الله


الصفحة التالية
Icon