" يحشر المرء على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل " أخرجه أبو داود والترمذي (١) ولهما عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لا تصاحب إلا مؤمناً. ولا يأكل طعامك إلا تقي " وروى الشيخان عن أبي (٢) موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " مثل الجليس الصالح، وجليس السوء، كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة " (٣)
_________
(١) الترمذي كتاب الزهد باب ٢٥.
(٢) الإمام أحمد ٣/ ٣٨ - الدارمي كتاب الأطعمة باب ٢٣.
(٣) مسلم ٢٦٢٨ - البخاري ١٠٦٤.
(لقد) أي: والله لقد (أضلني) هذا الذي اتخذته خليلاً، تعليل لتنمية المذكور، وتوضيح لتعلله، وتصديره باللام القسمية للمبالغة في بيان خطئه وإظهار ندمه وحسرته. (عن الذكر) أي: القرآن أو كتاب الله، أو ذكره أو الموعظة أو كلمة الشهادة أو مجموع ذلك.
(بعد إذ جاءني) وتمكنت منه، وقدرت عليه بأن ردني عن الإيمان به (وكان الشيطان للإنسان خذولاً) بأن يتركه، ويتبرأ منه عند البلاء، والخذل: ترك الإغاثة، ومنه خذلان إبليس للمشركين، حيث يوالونه، ثم يتركهم عند استغاثتهم به، وهذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها، ويحتمل أن تكون من كلام الله تعالى، أو من تمام كلام الظالم، وأنه سمى خليله شيطاناً بعد أن جعله مضلاً، أو أراد بالشيطان إبليس، لكونه الذي حمله على مخاللة المضلين.
(وقال الرسول) أي: يقول في يوم القيامة بثاً وشكاية لله مما صنع


الصفحة التالية
Icon