وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (٣٣) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٣٤) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (٣٥) فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (٣٦) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (٣٧) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (٣٨)
(ولا يأتونك) أي لا يأتيك يا محمد المشركون (بمثل) من أمثالهم التي من جملتها اقتراحاتهم المتعنتة في إبطال أمرك (إلا جئناك) في مقابلة مثلهم (بالحق) أي بالجواب الحق الثابت الذي يبطل ما جاؤوا به من المثل، ويدمغه ويدفعه. فالمراد بالمثل هنا السؤال، والاقتراح، وبالحق جوابه الذي يقطع ذريعته، ويبطل شهيته، ويحسم مادته، والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال والجملة في محل الحال. أي لا يأتونك بمثل في حال من الأحوال إلا في حال إيتائنا إياك ذلك.
(وأحسن تفسيراً) أي جئناك بأحسن تفسير بياناً وتفصيلاً. وبما هو معنى ومؤدى من مثلهم، أي من سؤالهم، وإنما حذف من مثلهم لأن في الكلام دليلاً عليه، ثم أوعد هؤلاء الجهلة وذمهم فقال
(الذين يحشرون) كائنين (على وجوههم) ومعنى الحشر على الوجوه أنهم يسحبون عليها ويطؤون الأرض على رؤوسهم، مع ارتفاع أقدامهم، بقدرة الله، ويساقون ويجرون عليها.
(إلى جهنم أولئك شر مكاناً) أي منزلاً، ومصيراً، ومسكناً وهو جهنم (وأضل سبيلاً) وأخطأ طريقاً من غيرهم، وهو كفرهم، وذلك لأنهم قد صلوا في النار. وهو من الإسناد المجازي. وقد تقدم تفسير مثل هذه الآية في سوره سبحان، وقد قيل: إن هذا متصل بقوله أصحاب الجنة يومئذ خيراً مستقراً وأحسن مقيلاً.


الصفحة التالية
Icon