(و) اذكر (قوم نوح لما كذبوا الرسل) أي كذبوا نوحاً وإنما جمع لطول لبثه فيهم، فكأنه رسل في المعنى، أو كذبوه. وكذبوا من قبله من رسل الله، لاشتراكهم في المجيء بالتوحيد: قال الزجاج: من كذب نبياً فقد كذب جميع الأنبياء.
(أغرقناهم) بالطوفان، كما تقدم في هود (وجعلناهم) أي جعلنا إغراقهم، أو قصتهم (للناس) كلهم بعدهم (آية) أي عبرة يتعظ بها كل مشاهد لها، وسامع لخبرها (واعتدنا) في الآخرة (للظالمين) الكافرين أي قوم نوح خاصة، فيكون وضعاً للظاهر موضع الضمير تسجيلاً عليهم بوصف الظلم: ويجوز أن يكون المراد كل من سلك مسلكهم في التكذيب (عذاباً أليماً) هو عذاب الآخرة، سوى ما حل بهم من عاجل العذاب في الدنيا.
(و) اذكر (عاداً) قوم هود (وثمود) قوم صالح، وقصتهما قد ذكرت فيما سبق، وثمود بالصرف على معنى الحي، وتركه على تأويله بالقبيلة قراءتان سبعيتان (وأصحاب الرسّ) هو في كلام العرب البئر التي تكون غير مطوية أي لم نبن بالحجارة والجمع رساس، كذا قال أبو عبيدة، وقيدها أهل اللغة، كصاحب القاموس، بأنها التي طويت، أي بنيت بالحجارة، فيؤخذ من مجموع النقلين أن الرسّ ابتداء الشيء، ومنه رسّ الحمى ورسيسها، والبئر المطوية بالحجارة انتهى قال السدي: هي بئر بأنطاكية قتلوا فيها حبيب النجار، فنسبوا إليها، وهو صاحب يس الذي قال (يا قوم اتبعوا المرسلين)، وكذا قال مقاتل وعكرمة وغيرهما وقيل هم قوم بأذربيجان قتلوا أنبياءهم، فجفت أشجارهم، وزروعهم، فماتوا جوعاً وعطشاً.
وقيل كانوا يعبدون الشجر وقيل كانوا يعبدون الأصنام فأرسل الله إليهم شعيباً عليه السلام فكذبوه وآذوه، وقيل بئر بفلج اليمامة قرية عظيمة بناحية اليمن. أو موضع باليمن من مساكن عاد، وهم قوم أرسل الله إليهم نبياً فقتلوه وقيل هم أصحاب الأخدود؛ وقيل إن الرس هي البئر المعطلة التي تقدم ذكرها أو


الصفحة التالية
Icon