المذكورة عند سفرهم إلى الشام للتجارة. فإنهم يمرون بها مراراً أي: يرون آثارها، وآثار ما حل بأهلها، وقيل: للتقرير، أي: حمل المخاطب على الإقرار بما يعرفه، وهو ما بعد النفي، أي: ليقروا بأنهم رأوها حتى يعتبروا بها، والفاء للعطف على مقدر، أي لم يكونوا ينظرون إليها فلم يكونوا يرونها، أو كانوا ينظرون إليها فلم يكونوا يرونها في مرات مرورهم ليتعظوا بما كانوا يشاهدونه من آثار العذاب، فالمنكر في الأول: ترك النظر وعدم الرؤية معاً، والمنكر في الثاني: عدم الرؤية مع تحقق النظر، الوجب لها.
(بل كانوا لا يرجون) أي: لا يأملون (نشوراً) أي بعثاً أضرب سبحانه عما سبق، من عدم رؤيتهم لتلك الآثار، إلى عدم رجاء البعث منهم، المستلزم لعدم رجائهم للجزاء، أو معنى يرجون يخافون، على اللغة التهامية
(وإذا رأوك إن) أي: ما (يتخذونك إلا هزواً) أي مهزواً بك، قصر معاملتهم له على اتخاذهم إياه هزواً، قيل نزلت في أبي جهل، كان إذا مر مع أصحابه قال مستهزياً (أهذا الذي بعث)؟ أي بعثه (الله رسولاً) أي مرسلاً في دعواه، وفي اسم الإشارة دلالة على استحقارهم له، وتهكمهم به آ
(إن كاد) أي قالوا إنه كاد هذا الرسول (ليضلنا) ليصرفنا (عن آلهتنا) فنترك عبادتها بفرط اجتهاده والدعاء إلى التوحيد، وكثرة ما يورده مما يسبق إلى الذهن أنه حجج ومعجزات.
(لولا أن صبرنا عليها) أي حبسنا أنفسنا على عبادتها ثم إنه سبحانه أجاب عليهم بقوله: (وسوف يعلمون حين يرون العذاب) عياناً، أي عذاب يوم القيامة الذي يستحقونه، ويستوجبونه، لسبب كفرهم (من أضل سبيلاً) أي أبعد طريقاً عن الحق والهدى، أهم؟ أم المؤمنون؟ ثم بين لهم سبحانه أنه لا تمسك لهم فيما ذهبوا إليه سوى التقليد، وإتباع الهوى، فقال معجباً لرسوله:
(أرأيت من اتخذ إلهه هواه) قدم المفعول الثاني للعناية به كما تقول علمت منطلقاً زيداً قاله الزمخشري، أي أطاع هواه طاعة. كطاعة الإله، أي انظر إليه يا


الصفحة التالية
Icon