ملازم له، مولع به هذا معناه في كلام العرب، كما ذكره ابن الأعرابي، وابن عرفة، وغيرهما. وقال الزجاج: الغرام أشد العذاب، وقال أبو عبيدة: هو الهلاك الدائم.
(إنها ساءت) تعليل لما قبلها، أي بئست جهنم، أو أحزنت أصحابها وداخلها (مستقراً ومقاماً) المراد بهما جهنم، فلذلك جاز تأنيث فعله قيل هما مترادفان وإنما عطف أحدهما على الآخر لاختلاف لفظهما. وقيل بل هما مختلفان معنى، فالمستقر للعصاة؛ فإنهم يخرجون، والمقام للكفار فإنهم يخلدون، والمخصوص بالذم محذوف، أي هي، ويجوز أن يكون هذا من كلام الله سبحانه، ويجوز أن يكون حكاية لكلامهم، ثم وصفهم سبحانه بالتوسط في الإنفاق فقال:
(والذين إذا أنفقوا) على عيالهم (لم يسرفوا ولم يقتروا) بفتح التحتية وضم الفوقية من قتر يقتر كقعد يقعد وقرئ بفتح التحتية وكسر التاء، وهي لغة معروفة حسنة، وقرئ بضم التحتية وكسر الفوقية، قال أبو عبيدة: يقال قتر الرجل على عياله، يقتر ويقتر قتراً، وأقتر يقتر إقتاراً. ومعنى الجميع التضييف في الإنفاق. قال النحاس: من أحسن ما قيل في معنى الآية إن من أنفق في غير طاعة الله فهو الإسراف، ومن أمسك عن طاعة الله فهو الإقتار، ومن أنفق في طاعة الله فهو القوام، وقال إبراهيم النخعي: هو الذي لا يجيع، ولا يعرى، ولا ينفق نفقة - تقول الناس قد أسرف.
وقال يزيد بن حبيب: أولئك أصحاب محمد، كانوا لا يأكلون طعاماً للتنعم واللذة، ولا يلبسون ثوباً للجمال، ولكن كانوا يريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع، ويقويهم على عبادة الله، ومن اللباس ما يستر عوراتهم ويقيهم الحر والبرد. وقال أبو عبيدة: لم يزيدوا على المعروف، ولم يبخلوا،


الصفحة التالية