عباس: أبدلهم الله بالكفر الإسلام، وبالمعصية الطاعة، وبالإنكار المعرفة، وبالجهالة العلم. وعنه قال: هم المؤمنون كانوا من قبل إيمانهم على السيئات فرغب الله بهم عن ذلك فحولهم إلى الحسنات فأبدلهم مكان السيئات الحسنات.
وأخرج أحمد وهناد والترمذي وابن جرير والبيهقي عن أبي ذر قال: قال رسول الله - ﷺ - " يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، فيعرض عليه صغارها، وينحى عنه كبارها، فيقال: عملت كذا وكذا وهو يقر ليس ينكر، وهو مشفق من الكبائر أن تجيء فيقال اعطوه بكل سيئة عملها حسنة " (١) والأحاديث في تكفير السيئات وتبديلها بالحسنات كثيرة. (وكان الله غفوراً رحيماً) مقررة لما قبلها من التبديل، وتكفير السيئات بالحسنات، أي لم يزل متصفاً بذلك.
_________
(١) الإمام أحمد ٥/ ١٥٧ - مسلم ١٩٠ بلفظ آخر.
(ومن تاب) عن المعاصي بتركها، والندم عليها (وعمل صالحاً) يلافي به ما فرط (فإنه يتوب) يرجع (إلى الله متاباً) رجوعاً صحيحاً، مرضياً، قوياً عند الله، ماحياً للعقاب، محصلاً للثواب، أو متاباً إلى الله الذي يحب التائبين، ويحسن إليهم أو فإنه يرجع إلى الله. وإلى ثوابه مرجعاً حسناً، وهذا تعميم بعد تخصيص. قال القفال: يحتمل أن تكون الآية الأولى فيمن تاب من المشركين، ولهذا قال (إلا من تاب وآمن) ثم عطف عليه، ومن تاب من المسلمين وأتبع توبته عملاً صالحاً فله حكم التائبين أيضاً.
وقيل أي من تاب بلسانه ولم يحقق التوبة بفعله، فليست تلك التوبة نافعة بل من تاب وعمل صالحاً فحقق توبته بالأعمال الصالحة فهو الذي تاب إلى الله متاباً، أي تاب حق التوبة، وهي النصوح، ولذلك أكد بالمصدر ومعنى الآية من أراد التوبة وعزم عليها فليتب إلى الله فالخبر في معنى الأمر كذا، قيل: لئلا يتحد الشرط والجزاء، فإنه لا يقال من تاب فإنه يتوب، وقيل: المعنى من تاب من الشرك وأدى الفرائض، ممن لم يقتل ولم يزن فإنه يعود إلى