أخيه، لا من باب الاستعفاء من الرسالة، ولا من التوقف عن المسارعة بالامتثال، وكفى بطلب العون دليلاً على التقبل لا على التقلل.
(ولهم عليَّ ذنب) هو قتله للقبطي، قال قتادة: وسماه ذنباً بحسب زعمهم، أو كما سمى جزاء السيئة سيئة.
(فأخاف أن يقتلون) به قصاصاً فيفوت المقصود من الرسالة: فهذا هو الخائف عليه، وليس هذا تعللاً أيضاً، بل استدفاع للبلية المتوقعة، وفيه دليل على أن الخوف قد يحصل مع الأنبياء فضلاً عن الفضلاء، ثم أجابه سبحانه بما يشتمل على نوع من الرح. وطرف من الزجر.
(قال كلا) أي لا يقتلونك كأنه قيل. ارتدع عما تظن (فاذهبا) أي أنت وأخوك (بآياتنا) وفي ضمن هذا الجواب إجابة موسى إلى ما طلبه من ضم أخيه إليه كما يدل عليه توجيه الخطاب إليهما، وفيه تغليب الحاضر على الغائب، لأنه إذ ذاك كان بمصر. والإرسال والخطاب كان في الطور.
(إنا معكم) وفي هذا تعليل للردع عن الخوف، وهو كقوله سبحانه: إنني معكما أسمع وأرى، وأراد بذلك سبحانه تقوية قلوبهما، وأنه متول لحفظهما وكلاءتهما، وأجراهما مجرى الجمع فقال: (معكم) لكون الاثنين أقل الجمع على ما يذهب إليه بعض الأئمة أو لكونه أراد موسى وهارون ومن أرسلا إليه. ويجوز أن يكون المراد هما مع بني إسرائيل، أو تعظيماً لهما، ولا يخفى ما في المعية من المجاز لأن المصاحبة من صفات الأجسام، فالمراد معية النصرة والمعونة.
(مستمعون) أي: سامعون ما تقولون وما يقال لكم، والاستماع في غير هذا، الإصغاء للسماع يقال: استُمع فلان حديثه أي: أصغي إليه، ولا يجوز حمله هاهنا على ذلك، فحمل على السماع، قاله النسفي.
(فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين) الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها. قال القرطبي: فانطلقا إلى فرعون فلم يأذن لهما سنة في الدخول عليه،


الصفحة التالية
Icon