(إن لا تشرك بي شيئاً) أي أوحينا إليه أن لا تعبد غيري، قال المبرد: كأنه قيل له وحّدني في هذا البيت، لأن معنى لا تشرك بي وحّدني. وقالت فرقة: الخطاب بقوله: (أن لا تشرك) لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهذا ضعيف جداً.
(وطهر بيتي) من الشرك والأقذار وعبادة الأوثان، وفي الآية طعن على أن من أشرك من قطان البيت، أي هذا كان الشرط على أبيكم فمن بعده، وأنتم فلم تفوا بل أشركتم. والمعنى تطهيره من الكفر والأوثان والدماء والبدع وسائر النجاسات.
وقيل: عنى به التطهير عن الأوثان فقط، وذلك أن جرهماً والعمالقة كانت لهم أصنام في محل البيت وحوله قبل أن يبنيه إبراهيم، وقيل المعنى نزهه أن يعبد فيه صنم، وهذا أمر بإظهار التوحيد فيه. وقد مر في سورة براءة ما فيه كفاية في هذا المعنى.
(للطائفين) الذين يطوفون بالبيت (والقائمين) هم المصلون (و) ذكر قوله: (الركع السجود) بعده لبيان أركان الصلاة دلالة على عظم شأن هذه العبادة، وقرن الطواف بالصلاة لأنهما لا يشرعان إلا في البيت، كالطواف عنده والصلاة إليه.
(وأذّن) أي ناد (في الناس بالحج) أي بدعوته والأمر به، وقرئ آذن بالمد والأذان الاعلام. وعن ابن عباس قال: لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال: قد فرغت، قال: أذن في الناس بالحج، قال: يا رب وما يبلغ صوتي؟ قال: أذن وعليّ البلاغ، قال: رب كيف أقول؟ قال: " قل يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق " فسمعه من في السماء والأرض، ألا ترى أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون، وفي الباب آثار عن جماعة من


الصفحة التالية
Icon