(وإنا لجميع حاذرون) أي خائفون من شرّهم، وقرئ (حذرون) قال الفراء الحاذر الذي يحذرك الآن، والحذر المخلوق كذلك، أي مجبولاً على الحذر لا تلقاه إلا حذراً وقال الزجاج الحاذر المستعد، والحذر المتيقظ، وبه قال الكسائي، والمبرد، وذهب أبو عبيدة إلى أن معنى (حاذرون) و (حذرون) واحد. وهو قول سيبويه أي وإنا لجمع من عادتنا الحذر، واستعمال الحزم في الأمور. أشار أولاً إلى عدم ما يمنع اتباعهم من شوكتهم، ثم إلى تحقق ما يدعو إليه من فرط عدوانهم ووجوب التيقظ في شأنهم، حثّاً عليه. أو اعتذر بذلك إلى أهل المدائن كيلا يظن به ما يكسر سلطانه قاله البيضاوي.
(فأخرجناهم) أي فرعون وقومه أي خلقنا فيهم داعية الخروج فخرجوا (من جنات وعيون وكنوز) أخرجهم الله من أرض مصر ليلحقوا موسى وقومه. وفيها الجنات والبساتين على جانبي النيل من أسوان إلى رشيد وهي جمع جَنة، وعين، وكنز، والمراد بالكنوز الخزائن، وقيل الدفائن وقيل الأنهار، وفيه نظر؛ لأن العيون المراد بها عند جمهور المفسرين عيون الماء، فتدخل تحتها الأنهار.
والمراد بالكنوز الأموال الظاهرة من الذهب والفضة، وسميت كنوزاً لأنه لم يعط حق الله منها، وفي الشهاب المراد بها إما الأموال التي تحت الأرض، وخصها لأن ما فوقها انطمس، أو مطلق المال الذي لم يؤد منه حق الله لأنه يقال له كنز، والأول أوفق باللغة، والثاني مروي عن السلف فلا وجه للتحكم هنا.
(ومقام كريم) أي بهي بهيج واختلف فيه، فقيل المنازل الحسان، وقيل المنابر، قاله ابن عباس، وقيل مجالس الرؤساء والأمراء والوزراء، حكاه ابن عيسى وقيل مرابط الخيل، الأول أظهر، وقال سعيد بن جبير سمعت أن المقام الكريم الفيوم.


الصفحة التالية
Icon