والعدو كالصديق يطلق على الواحد، والمثنى، والجماعة، والمذكر والمؤنث كذا قال الفراء قال علي بن سليمان من قال عدوة الله فأثبت الهاء قال هي بمعنى المعادية. ومن قال عدو للمؤنث، والجمع، جعله بمعنى النسب وقيل المراد بقوله (فإنهم عدو لي) آباؤهم الأقدمون لأجل عبادتهم للأصنام. ورد بأن الكلام مسوق فيما عبدوه في العابدين.
(إلا) أي لكن (رب العالمين) ليس كذلك، بل هو وليي في الدنيا والآخرة، لا يزال متفضلاً عليّ فيهما قال الزجاج قال النحويون هو استثناء ليس من الأول، وأجاز الزجاج أيضاً أن يكون من الأول على أنهم كانوا يعبدون الله عز وجل ويعبدون معه الأصنام فأعلمهم أنه تبرأ مما يعبدون إلا الله، فإني أعبده.
قال الجرجاني تقديره أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون؟ إلا رب العالمين، فإنهم عدو لي. فجعله من باب التقديم والتأخير، وجعل (إلا) بمعنى دون وسوى، كقوله (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) أي دون الموتة الأولى، وقال الحسن بن الفضل: إن المعنى إلا من عبد رب العالمين، ثم وصف رب العالمين بقوله:
(الذي خلقني فهو يهدين) أي يرشدني إلى مصالح الدين والدنيا، وطريق النجاة، وقد وصف الخليل ربه بما يستحق العبادة لأجله، فإن الخلق والهداية والرزق الذي يدل عليه قوله:
(والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين) ودفع المرض وجلب نفع الشفاء، والإماتة والإحياء والمغفرة للذنب، كلها نعم يجب على النعم عليه ببعضها فضلاً عن كلها، أن يشكر النعم بجميع أنواع الشكر التي أعلاها وأولاها العبادة، ودخول هذه الضمائر في صدور هذه الجمل للدلالة على أنه الفاعل لذلك دون غيره، وأسند المرض إلى نفسه دون غيره من هذه الأفعال المذكورة رعاية واستعمالاً للأدب مع الرب كما قال الخضر. (فأردت أن أعيبها). وقال: (فأراد ربك أن يبلغا أشدهما) وإلا فالمرض والشفاء من الله سبحانه.


الصفحة التالية
Icon