في كل تشهد من تشهدات الصلوات. وقال مكي: قيل معنى سؤاله أن يكون من ذريته في آخر الزمان من يقوم بالحق فأجيبت دعوته في محمد - ﷺ -، فتكون الآية على تقدير مضاف، أي صاحب لسان صدق، أو هو مجاز من إطلاق الجزء على الكل، لأن الدعوة باللسان ولا وجه لهذا التخصيص والتكلف.
وقال القشيري: أراد الدعاء الحسن إلى قيام الساعة ولا وجه لهذا أيضاً. فإنّ لسان الصدق أعم من ذلك. وعن ابن عباس في الآية قال اجتماع أهل الملل على إبراهيم فما من أمة إلا وهي تحبه وتثني عليه.
(واجعلني) وارثاً (من ورثة جنة النعيم) أي مندرجاً فيهم ومن جملتهم؛ أي ممن يعطاها بلا تعب ومشقة كالإرث الحاصل للإنسان من غير تعب، وإضافة الجنة إلى النعيم من إضافة المحل للحال فيه.
ولما طلب عليه السلام بالدعوة الأولى سعادة الدنيا؛ طلب بهذه الدعوة سعادة الآخرة وهي جنة النعيم، قيل: وجعلها مما يورث تشبيهاً لغنيمة الآخرة بغنيمة الدنيا. وقد تقدم تفسير معنى الوراثة في سورة مريم.
(واغفر لأبي) كان أبوه قد وعده أنه يؤمن به فاستغفر له فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، وقد تقدم تفسير هذا مستوفى في سورة التوبة. وسورة مريم، وعن ابن عباس قال: أمنن عليه بتوبة يستحق بها مغفرتك (إنه كان من الضالين) أي: من المشركين الضالين عن طريق الهداية وكان زائدة على مذهب سيبويه كما تقدم في غير موضع.
(ولا تخزني يوم يبعثون) أي لا تفضحني على رؤوس الأشهاد بمعاتبتي أو بمعاقبتي على ما فرطت، أو لا تعذبني يوم القيامة، وقال ذلك لخفاء العاقبة وجواز التعذيب عقلاً. أو المعنى. لا تخزني بتعذيب أبي أو ببعثه في جملة الضالين أو بنقص رتبتي عن رتبة بعض الوراث. والإخزاء يطلق على الخزي وهو الهوان وعلى الخزاية وهي الحياء، أي الاستحياء.


الصفحة التالية
Icon