وقيل سالم من آفة المال والبنين. وقال الضحاك السليم الخالص. وقال الجنيد رحمه الله السليم في اللغة اللديغ، فمعناه أنه قلب كاللديغ من خوف الله ئعالى. وهذا تحريف وتعكيس لمعنى القرآن.
قال الرازي أصح الأقوال أن المراد منه سلامة النفس عن الجهل والأخلاف الرذيلة. وقال ابن عباس بشهادة أن لا إله إلا الله. وقد صوب الجليل استثناء الخليل إكراماً له؛ ثم جعله صفة له في قوله: (وإنّ من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم).
قال النسفي: وما أحسن ما رتب عليه السلام من كلامه مع المشركين حيث سألهم أولاً عما يعبدون، سؤال مقرر لا مستفهم، ثم أقبل على آلهتهم فأبطل أمرها بأنها لا تضر ولا تنفع ولا تسمع، وعلى تقليدهم آباءهم الأقدمين فأخرجه من أن يكون شبهة، فضلاً عن أن يكون حجة؛ ثم صور المسألة في نفسه دونهم حتى تخلص منها إلى ذكر الله تعالى فعظم شأنه. وعدد نعمه من حين إنشائه إلى وقت وفاته مع ما يرجى في الآخرة من رحمته، ثم أتبع ذلك أن دعا بدعوات المخلصين، وابتهل إليه ابتهال الأدب، ثم وصله بذكر يوم القيامة وثواب الله وعقابه وما يدفع إليه المشركون يومئذ من الندم والحسرة على ما كانوا فيه من الضلال، وتمنى الكرة إلى الدنيا ليؤمنوا ويطيعوا انتهى.
(وأزلفت الجنة للمتقين) أي قربت وأدنيت لهم ليدخلوها أو بحيث يشاهدونها من الموقف ويقفون على ما فيها من فنون المحاسن فيبتهجون بأنهم المحشورون إليها. وقال الزجاج: قرب دخولهم إياها ونظرهم إليها.
(وبرزت الجحيم للغاوين) أي جعلت بارزة لهم والمراد بهم الكافرون الضالون عن طريق الحق الذي هو الإيمان والتقوى. والمعنى أنها أظهرت بحيث يرونها مع ما فيها من أنواع الأحوال الهائلة ويوقنون بأنهم مواقعوها ولا يجدون عنها مصرفاً. وقيل: أظهرت قبل أن يدخلوها ليشتد حزن الكافرين ويكثر سرور المؤمنين وقرئ (برزت) على البناءين.


الصفحة التالية
Icon