ما أهمك قليل. وسئل حكيم عن الصديق فقال: اسم لا معنى له. وقيل اسم بلا مسمى. والنفي هاهنا يحتمل نفي الصديق من أصله، أو نفي صفته فقط، أو لأن الصديق الواحد يسعى أكثر مما يسعى الشفعاء، والحميم مأخوذ من حامّة الرجل أي خاصته وأقربائه. ويقال حم الشيء وأحم إذا قرب ومنه الحمى، لأنه يقرب من الأجل.
وقال علي بن عيسى: إنما سمي القريب حميماً لأنه يحمى لغضب صاحبه فجعله مأخوذاً من الحمية وقيل من الاحتمام بمعنى الاهتمام الذي يهمه ما يهمك قاله الزمخشري.
(فلو أن لنا كرة) هذا منهم على طريق التمني الدال على كمال التحسر، كأنهم قالوا فليت لنا كرة أي رجعة إلى الدنيا وجواب التمني (فنكون من المؤمنين) أي نصير من جملتهم، حتى تحل لنا الشفاعة كما حلت لهؤلاء.
(إن في ذلك) أي ما تقدم ذكره من نبأ إبراهيم وقصة قومه (لآية) أي عبرة وعلامة وحجة وعظة لمن أراد أن يستبصر بها ويعتبر، فإنها جاءت على أنظم ترتيب؛ وأحسن تقرير، يتفطن المتأمل فيها لغزارة علمه، لما فيها من الإشارة إلى أصول العلوم الدينية والتنبيه على دلالتها، وحسن دعوته للقوم، وحسن مخالفته معهم، وكمال إشفاقه عليهم، وتصوير الأمر في نفسه، وإطلاق الوعد والوعيد على سبيل الحكاية تعريضاً بهم، وإيقاظاً لهم؛ ليكون أدعى إلى الاستماع والقبول، والتنوين في (آية) يدل على التعظيم والتفخيم.
(وما كان أكثرهم مؤمنين) أي أكثر هؤلاء الذين يتلو عليهم رسول الله - ﷺ - نبأ إبراهيم وهم قريش. ومن دان بدينهم. وقيل: وما كان أكثر قوم إبراهيم بمؤمنين. وهو ضعيف لأنهم كلهم غير مؤمنين
(وإنّ ربك لهو العزيز) القاهر لأعدائه (الرحيم) بأوليائه أو الرحيم للأعداء بتأخير عقوبتهم وترك معاجلتهم.


الصفحة التالية
Icon