قال أبو علي الفارسي الأيكة تعريف أيكة، فإذا حذفت تخفيفاً ألقيت حركتها على اللام. قال الخليل الأيكة الغيضة تنبت السدر والأراك ونحوهما من ناعم الشجر. قال مجاهد ليكة هي الأيكة، وقد وقع لفظ الأيكة في القرآن أربع مرات، في الحجر، وفي ق، وما هنا، وفي ص، والأولان بأل والجر والآخران يقرآن بأل وبالجر وبحذف الهمزة، وإلقاء حركتها على اللام وفتح الهاء مع أن الكل مجرورات بإضافة لفظ أصحاب إليها وقال ابن عباس كانوا أصحاب غيضة من ساحل البحر إلى مدين.
(إذ قال لهم شعيب ألا تتقون)؟ ولم يقل أخوهم كما قال في الأنبياء قبله، لأنه لم يكن من أصحاب الأيكة في النسب؛ فلما ذكر مدين قال أخاهم شعيباً لأنه كان منهم، وقد مضى تحقيق نسبه في الأعراف، وبعث الله شعيباً إلى أمتين، أصحاب الأيكة وأهل مدين، فأهلك الله أصحاب الأيكة بالظلة؛ وأما أهل مدين فصاح بهم جبريل صيحة فهلكوا أجمعين.
(إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) وإنما كانت دعوة هؤلاء الأنبياء فيما حكى الله عنهم على صيغة واحدة لاتفاقهم على تقوى الله وطاعته والإخلاص في العبادة والامتناع من أخذ الأجر على تبليغ الرسالة.
(أوفوا الكيل) أي أتمّوه لمن أراده وعامل به (ولا تكونوا من المخسرين) أي الناقصين للكيل والوزن يقال أخسرت الكيل والوزن أي نقصته، ومنه قوله تعالى (وإذ كالوهم أو وزنوهم يخسرون) قال النسفي الكيل واف وهو مأمور به، وطفيف وهو منهي عنه، وزائد وهو مسكوت عنه، فتركه دليل على أنه إن فعله فقد أحسن، وإن لم يفعل فلا شيء عليه ثم زاد سبحانه في البيان فقال:


الصفحة التالية
Icon