(وزنوا بالقسطاس المستقيم) أي أعطوا الحق بالميزان السوي وقد مر بيان تفسير هذا في سورة سبحان، وقرئ (القسطاس) مضموم القاف ومكسورها، وهي الميزان أو القبان، فإن كان من القسط وهو العدل، وجعلت العين مكررة، فوزنه فعلان وإلا فهو رباعي.
(ولا تبخسوا الناس أشياءهم) البخس النقص يقال: بخسه حقه إذا نقصه، أي: لا تنقصوا حقوقهم التي لهم وهذا تعميم بعد التخصيص. وقيل: دراهمهم ودنانيرهم بقطع أطرافها. وقد تقدم تفسيره في سورة هود.
وتقدم أيضاً تفسير: (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) فيها وفي غيرها أي لا تبالغوا فيها بالفساد نحو قطع الطريق، والغارة وإهلاك الزرع، وكانوا يفعلون ذلك فنهوا عنه، يقال: عثا في الأرض إذا أفسد، وبابه سما، وعثى بالكسر، وعثى بفتحتين بوزن فتى قال الأزهري: القراء كلهم متفقون على فتح الثاء وقد دل على أن القرآن نزل باللغة الثانية، وفي القاموس: عثى كسعى ورمى ورضى.
(واتقوا) الله (الذي خلقكم) أي من نطفة، وإعدامكم أهون شيء عليه، وأشار إلى ضعفهم وقوة من كان قبلهم بقوله (والجبلّة الأولين) الذين أهلكوا بالمعاصي، كقوم لوط كانوا على خلقة وطبيعة عظيمة قرئ الجبلة بكسر الجيم والباء وتشديد اللام وقرئ بضمهما وتشديد اللام، وقرئ بفتح الجيم مع سكون الباء والجبلة الخليقة قاله مجاهد وغيره، يعني الأمم المتقدمة يقال: جبل فلان على كذا أي خلق.
قال النحاس: الخلق يقال له جبلة بكسر الحرفين الأولين وبضمهما مع تشديد اللام فيهما، وبضم الجيم وسكون الباء وضمه وفتحها قال الهروي الجبلة والجبلة والجبل والجبل لغات وهو الجمع والعدد الكثير من الناس. ومنه قوله تعالى (جِبِلًّا كَثِيرًا) أي خلقاً كثيراً.