وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٩٧) وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٢٠١) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦)
(وإنه) أي: إن هذا القرآن باعتبار أحكامه التي أجمعت عليها الشرائع، أو ذكره، وقيل: الضمير لرسول الله - ﷺ - (لفي زبر الأولين) من الأنبياء كالتوراة والإنجيل، والزبر الكتب، الواحد زبور، وقد تقدم الكلام على تفسير مثل هذا، وقيل المراد بكون القرآن فيها أنه مذكور فيها هو نفسه لا ما اشتمل عليه من الأحكام، وفيه دليل على أن القرآن قرآن إذا ترجم بغير العربية كالفارسية وغيرها، والأول أولى، وقد قيل أن الصحيح من مذهب أبي حنيفة أن القرآن هو النظم والمعنى معاً قاله الشهاب.
(أولم يكن لهم آية)؟ الهمزة للإنكار. والواو للعطف على مقدر، كما تقدم مراراً، والآية العلامة والدلالة أي. ألم تكن لهؤلاء أي لكفار مكة علامة دالة على أن القرآن حق، وأنه تنزيل رب العالمين وأنه في زبر الأولين (أن يعلمه علماء بني إسرائيل) على العموم، أو من آمن منهم كعبد الله بن سلام، وأسد، وأسيد، وثعلبة، وابن يامين فهؤلاء الخمسة من علماء اليهود وقد حسن إسلامهم فإنهم يخبرون بذلك، وإنما صارت شهادة أهل الكتاب حجة على المشركين لأنهم كانوا يرجعون إليهم ويصدقونهم. قال الزجاج المعنى أولم يكن لهم علم علماء بني إسرائيل أن محمداً - ﷺ - نبي حق، علامة ودلالة على نبوته، لأن العلماء الذين آمنوا من بني إسرائيل كانوا يخبرون بوجود ذكره في كتبهم.