إلى الصلاة يرى من خلفه كما يرى من بين يديه، ومنه الحديث في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: هل ترون قبلتي هاهنا فوالله ما يخفى على خشوعكم ولا ركوعكم، وإني لأراكم من وراء ظهري.
(إنه هو السميع) لما تقوله (العليم) به، ثم أكد سبحانه معنى قوله (وما تنزلت به الشياطين) وبينه فقال:
(هل أنبئكم) يا كفار مكة (على من تنزل الشياطين)؟ أي تتنزل فحذف إحدى التاءين، وفيه بيان استحالة تنزل الشياطين على رسول الله - ﷺ -
(تنزل على كل أفاك أثيم) الأفاك الكثير الإفك، والأثيم كثير الإثم، والمراد به كل من كان كاهناً، فإن الشياطين كانت تسترق السمع، ثم يأتون إليهم فيلقونه إليهم مثل مسيلمة من المتنبئة، وكسطيح من الكهنة، وهو معنى قوله:
(يلقون السمع) أي: ما يسمعونه مما يسترقونه، فالمعنى حال كون الشياطين ملقين السمع، أي: ما يسمعونه من الملأ الأعلى إلى الكهان، ويجوز أن يكون المعنى أن الشياطين يلقون السمع، أي: يصغون إلى الملأ الأعلى ليسترقوا منهم شيئاًً ويكون المراد بالسمع على الوجه الأول المسموع، وعلى الوجه الثاني نفس حاسة السمع.
ويجوز أن تكون جملة يلقون السمع راجعة إلى كل أفاك أثيم، على أنها صفة أو مستأنفة، ومعنى الإلقاء أنهم يسمعون ما تلقيه إليهم الشياطين من الكلمات التي تصدق الواحدة منها، وتكذب المائة الكلمة، ويلقونها إلى عوام الخلق.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قالت: سأل أناس النبي - ﷺ - عن الكهان فقال: إنهم ليسوا بشيء، قالوا يا رسول الله إنهم يحدثون أحياناً بشيء يكون حقاً قال: تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقذفها في أذن وليه، فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة. وفي لفظ البخاري فيزيدون معها