مبغياً عليه، أي مظلوماً، ومعنى (ثم) تفاوت الرتبة، لأن الابتداء بالقتال معه نوع ظلم، كما قيل في أمثال العرب: البادئ أظلم. وقيل إن هذه الآية مدنية، وهي في القصاص والجراحات.
(لينصرنّه الله) اللام جواب قسم محذوف، أي والله لينصرن الله المبغي عليه على الباغي (إنّ الله لعفوّ غفور) أي لكثير العفو والغفران للمؤمنين فيما وقع منهم من الذنوب أو القتال في الشهر الحرام وقيل العفو والغفران لما وقع من المؤمنين من ترجيح الانتقام على العفو.
(ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) إشارة إلى ما تقدم من نصر الله سبحانه للمبغي عليه والباء للسببية، أي ذلك النصر بسبب أنه سبحانه قادر، ومن كمال قدرته إيلاج الليل في النهار والنهار في الليل. قاله الرازي. وقال البيضاوي: قادر على تقليب الأمور بعضها على بعض، جارية عادته على المداولة بين الأشياء المتعاندة، وعبر عن الزيادة بالإيلاج لأن زيادة أحدهما تستلزم نقصان الآخر.
وقيل يجعل ظلمة الليل مكان ضياء النهار، وذلك بغيبوبة الشمس، ويجعل ضياء النهار مكان ظلمة الليل بطلوع الشمس، فالمراد تحصيل أحد العرضين في محل الآخر، وقد مضى في آل عمران معنى هذا الإيلاج.
(وإن الله سميع) يسمع كل مسموع لا يشغله سمع عن سمع (بصير) يبصر كل مبصر، أو سميع للأقوال وإن اختلفت في النهار الأصوات بفنون اللغات، بصير بما يفعلون لا يستتر عنه شيء بشيء في الليالي وإن توالت الظلمات فلا يعزب عنه مثقال ذرة
(ذلك) إشارة إلى ما تقدم من اتصافه سبحانه بكمال القدرة الباهرة والعلم التام (بأن الله هو الحق) أي هو سبحانه ذو الحق فدينه حق وعبادته حق ونصره لأوليائه على أعدائه حق ووعده حق، فهو عز وجل في نفسه وأفعاله وصفاته كلها حق.
(وأن ما يدعون من دونه الباطل) قرئ بالفوقية على الخطاب