خاضعون بالقلب ساكنون بالجوارح فلا يلتفون يميناً ولا شمالاً، وهذا من فروض الصلاة عند الغزالي. وذهب بعضهم إلى أنه ليس بواجب لأن اشتراط الخضوع والخشوع مخالف لإجماع الفقهاء فلا يلتفت إليه، وقد ورد في مشروعية الخشوع في الصلاة والنهي عن الالتفات وعن رفع البصر إلى السماء أحاديث معروفة في كتب الحديث.
(والذين هم عن اللغو معرضون) قال الزجاج: اللغو هو كل باطل ولهو وهزل ومعصية وما لا يجمل من القول والفعل، وقد تقدم تفسيره في البقرة. وقال الضحاك: إن اللغو هنا الشرك. وقال الحسن: إنه المعاصي كلها، وقيل هو معارضة الكفار بالسب والشتم. وقال ابن عباس: اللغو الباطل. وقيل المراد باللغو كل ما كان حراماً أو مكروهاً أو مباحاً لم تدع إليه ضرورة ولا حاجة.
والمعنى أن لهم من الجد ما شغلهم عن الهزل، وفي وصفهم بالخشوع أولاً وبالإعراض ثانياً جمع لهم الفعل والترك الشاقين على الأنفمس اللذين هما قاعدتا بناء التكليف، ومعنى إعراضهم عنه تجنبهم له وعدم التفاتهم إليه، وظاهره اتصافهم بصفة الإعراض عن اللغو في كل الأوقات، فيدخل وقت الصلاة في ذلك دخولاً أولياً، كما تفيده الجملة الأسمية.
(والذين هم للزكاة فاعلون) أي يؤدونها، فعبر عن التأدية بالفعل لأنها مما يصدق عليه الفعل، أو المراد بالزكاة هنا المصدر لأنه الصادر عن الفاعل. وقيل يجوز أن يراد بها العين على تقدير مضاف، أي والذين هم لتأدية الزكاة فاعلون، أي دائمون.
(والذين هم لفروجهم حافظون) الفرج يطلق على فرج الرجل والمرأة، فهو اسم سوأتهما، والمراد بحفظهما لها أنهم ممسكون لها بالعفاف عما


الصفحة التالية
Icon