المنع والجواز وترجيح الراجح منهما
(والذين هم لأماناتهم) قرئ بالجمع، وقرأ ابن كثير بالإفراد، والأمانة ما يؤتمنون عليه.
(وعهدهم) هو ما يعاهدون عليه من جهة الله سبحانه، أو من جهة عباده وقد جمع العهد والأمانة كل ما يتحمله الإنسان من أمر الدين والدنيا، فلا يرد ما يقال: كيف حكم على الموصوفين بالصفات السبعة بالفلاح مع أنه تعالى لم يتمم ذكر العبادات الواجبة كالصوم والحج؛ والأمانة أعم من العهد، فكل عهد أمانة (راعون) أي حافظون، والراعي القائم على الشيء بحفظ وإصلاح كراعي الغنم
(والذين هم على صلواتهم) قرأ الجمهور بالجمع، ومن قرأ بالإفراد فقد أراد اسم الجنس. وهو في معنى الجمع.
(يحافظون) المحافظة على الصلاة إقامتها والمحافظة عليها في أوقاتها وإتمام ركوعها وسجودها وقراءتها والمشروع من أذكارها.
عن ابن مسعود أنه قيل له: إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن الذين هم على صلاتهم دائمون؛ والذين هم على صلاتهم يحافظون. قال ذلك على مواقيتها، قالوا: ما كنا نرى ذلك إلا على تركها؛ قال: تركها كفر، وقد وصفهم أولاً بالخشوع في الصلاة وآخراً بالمحافظة عليها فليس في الآية تكرار، والطهارات دخلت في جملة المحافظة على الصلوات لكونها من شرائطها، ثم مدح سبحانه هؤلاء فقال:
(أولئك هم الوارثون) أي الأحقّاء بأن يسمَّوا بهذا الاسم دون غيرهم، لأن ضمير الفصل يدل على التخصيص، والحصر إضافي لا حقيقي، لأنه ثبت أن الجنة يدخلها الأطفال والمجانين والولدان والحور، ويدخلها الفساق من أهل القبلة بعد العفو، ولقوله تعالى: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) قاله الكرخي، ثم بين الموروث بقوله:


الصفحة التالية
Icon