ما أحضرت من عمل فأثيبت على قدر عملها.
لقد مر التذكر ببعض الآيات الكونية فى السورة السابقة ولكنها جمعت هنا وفصلت بطريقة تلفت الانتباه وتبين عظيم النعمة وخطورة المسئولية عما يقدمه الإنسان ويراه ويوم تتبدل هذه الآيات.
كما بدأت السورة بمعالجة وضع المرأة الاجتماعى فى أخطر ما كانت تتعرض له من الوأد الذى يدل على قلوب قاسية من ناحية، وعلى عدم الثقة فى رزق الله من ناحية أخرى فهو لفقر أو لخوف عار.
والأمران مرفوضان فالرزاق هو خالق هذه الآيات التى تشاهدونها، ويحكم إمساكه بها وهو القادر عليها فيغيرها عند القيامة فثقوا برزقه، ورققوا قلوبكم نحو بناتكم فهن الضعيفات ولا ذنب لهن، وأحسنوا تربيتهن على ما يأتيكم من وحى ربكم.
فإنه عقب استنفار الفكر والقلب للوقوف على آيات القدرة وآيات النعمة السابقة فى مطلع السورة الكريمة؛ لتهيئة النفوس لتكون على مستوى المسئولية نحو عملها الذى سيعرض عليها عند ما تنشر الصحف ويعلم الإنسان ما قدم، تعرض آيات كونية أخرى لقضية أخرى، لها أهميتها القصوى فى حدوث الاطمئنان القلبى إلى ما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلم من وحى ربه، وأنه لا يتطرق إليه أى شك فمسيرة الوحى من الله العزيز العليم إلى رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلم حفت بالأمانة والقوة فلا يتسرب إليه أى عبث، ولا تستطيع الشياطين أن تعبث بهذا الوحى لأن حامله قوى يرهب جانبه وأمين لا يفرط فيه.
وأنه ينزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقد عرفته من المرة الأولى فرأت صورته، وعرفت صوته، وما يأتى به يأخذ مكانه إلى قلب النبى صلّى الله عليه وسلم ويخرج إلى الناس بلسان عربى مبين، وبعد هذا التطمين يصبح الإنسان على يقين من سلامة المنهج ولا يكون أمامه إلا الامتثال لما جاء به الوحى إن أراد أن يستقيم فأين يذهب؟ وما عليه كذلك إلا أن يطلب العون والهداية من رب العالمين فهو الهادى والموفق إلى الصراط المستقيم.
فهذه الحقيقة الكبرى التى تطمئن الإنسان على مسيرة الوحى، يقدم لها بقسم يلفت الانتباه إلى آيات كونية غاية فى الوضوح والجلاء، إنها آيات الظلمة والنور، آيات الوضوح والإيهام حيث يصبح التمييز بين هذه الآيات تمييزا لا يعجز عنه إنسان فكل آدمى لا يعجزه أن يفرق بين ليل مظلم وصبح مشرق فيقول الله تعالى: فَلا أُقْسِمُ