جميع النبيين أن يؤمنوا به وأن يأمروا أممهم بالإيمان به ثم شهد ذكره فى أمته، فلا يذكر الله إلا ذكر معه «١».
هذه نعمة شرح الصدر، ونعمة وضع الوزر الذى يثقل الظهر، ونعمة رفع الذكر، هذه المجموعة من النعم فى مواجهة ما يضيق الصدر من نكران الكفار للجميل وردهم على الإحسان بالإساءة وإعراضهم وعنادهم لمن يدعوهم إلى نجاتهم، ومحاولتهم إطفاء نور الله بأفواههم.
وانشرح الصدر وخف الحمل ورفع الذكر، ليتأكد معنى الفرج مع العسر.
ونتابع القول فى روضات القرآن الكريم مع سورة الشرح التى تذكر بنعم الله على رسوله صلّى الله عليه وسلم فى شرح الصدر ووضع الوزر الذى يثقل الظهر ورفع الذكر، وكان لهذه النعم أثرها العظيم فى مواجهة الشدائد التى أثارها المشركون فى طريق رسول الله صلّى الله عليه وسلم لنجد تأكيد معنى الخروج من الشدة إلى اليسر فى قوله تعالى: إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦) أى إن مع الضيق والشدة يسرا، أى سعة وغنى. والتكرار- هنا- يزيد هذا المعنى تأكيدا فإن من عادة العرب إذا ذكروا اسما معروفا ثم كرروه فهو هو، وإذا أنكروه ثم كرروه فهو غيره، وهما اثنان ليكون أقوى للأمل، وأبعث على الصبر «٢». قال ابن مسعود رضي الله عنه فى رواية عن النبى صلّى الله
عليه وسلم: «والذى نفسى بيده، لو كان العسر فى حجر، لطلبه اليسر حتى يدخل عليه، ولن يغلب عسر يسرين»، وكتب أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا من الروم، وما يتخوف منهم، فكتب إليه عمر رضي الله عنهما: أما بعد، فإنه مهما ينزل بمؤمن من منزل شدة، يجعل الله بعده فرجا، وأنه لن يغلب عسر يسرين، وأن الله تعالى يقول فى كتابه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠) [آل عمران] «٣».
وبعد هذا التأكيد لتيسير الله سبحانه وبفرجه القريب يأتى الأمر بالنصب الممتع عند ما يكون لله فى صلاة خاشعة بالليل، والناس نيام أو فى مواصلة التبليغ والدعوة، أو فى الجهاد وما يصاحبه فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨) قال
(٢) قاله الثعالبى انظر: القرطبى ٢٠/ ١٠٧.
(٣) المرجع السابق ٢٠/ ١٠٧، ١٠٨.