الخسران وهو محيط به من كل جهة، حتى يشعر الإنسان بخطورة ما هو فيه، ويتنبه إلى سبيل الخروج منه، والذى سيذكر بعد هذا التأكيد والقسم إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ (٣) فمفهوم المستثنى هنا يشتمل أربعة أمور: الأول: عدم الإيمان وهو الكفر، والثانى عدم العمل الصالح وهو العمل الفاسد:
والثالث: عدم التواصى بالحق وهو انعدام التواصى كلية أو التواصى بالباطل، والرابع:
عدم التواصى بالصبر، وهو إما انعدام التواصى كلية أو الهلع والجزع «١» فيكون الخسران متحققا للإنسان- إذن- بسبب الكفر، وترك العمل، والتلهى بالباطل، وترك الحق، وفى الهلع والفزع وكلها أمراض خطيرة ينبه إليها الإنسان فى وقت التنزيل المبكر ليعان على الخروج منها واستمر التنزيل المبارك بعد ذلك ينبه إلى خسارة من يقع فيها أو يقيم عليها، فمن هذا قوله تعالى فى الخسران بسبب الخسر: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٥) [الزمر] وقوله تعالى: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ [الأنعام: ٣١].
ومنه قوله تعالى فى خسران الإنسان بسبب ترك العمل: فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ [الأعراف] لأن الموازين هى معايير الأعمال فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨) [الزلزلة].
وقوله تعالى: وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً (١١٩) [النساء] لأنه يطيع أمره ويصير من حزبه: أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٩) [المجادلة] خسروا بطاعتهم للشيطان وعصيانهم لله سبحانه.
ومن قوله تعالى فى الخسران بترك التواصى بالحق: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٨٥) [آل عمران] فإن الإسلام هو الحق وليس بعد الحق إلا الضلال.
ومن قوله تعالى فى الخسران بترك التواصى بالصبر والوقوع فى الهلع والفزع:
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى