الجوزى رحمه الله «١» ولكن ذكره البغوى والخازن عن ابن عباس بغير سند. كما ذكر أن الذين قالوا هذا قوم من أحبار اليهود قالوا: من أى جنس هو، وممن ورث الدنيا، ولمن يورّثها؟ فنزلت هذه السورة، قاله قتادة والضحاك ولكن ما ذكره الطبرى عن قتادة مرسل «٢».
وما ذكره السيوطى فى الدر المنثور «٣» من رواية الطبرانى فى «السنة» عن الضحاك مرسل «٤» - أيضا.
سورة الإخلاص- إذن- سورة مكية نزلت بعد سورة الناس؛ لترد على المنحرفين فى العقيدة انحرافهم، ولتغرس فى قلوب الناس العقيدة الصحيحة فى أسماء الله الحسنى وصفاته العلا.
وسورة الإخلاص تضمنت من المعانى العظيمة التى غرستها فى وقت مبكر من الفترة المكية لإرساء دعائم العقيدة الصحيحة فى معرفة الله سبحانه وتعالى، وتنزيهه عما وقع فيه المبطلون من انحراف خطير فى الأسماء والصفات والأفعال. والسورة الكريمة على قصر آياتها الأربع جامعة لهذا الإثبات والتنزيه، وفى الوقت نفسه ميسرة فى حفظها، فالمسلم على صلة دائمة بها تدعيما لعقيدته، وردا على خصومه وخاصة بعد ما عرف من فضلها، وهذا ما حدث- فعلا- من أصحاب النبى صلّى الله عليه وسلم فقد ثبت فى صحيح البخارى عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه أن رجلا سمع رجلا يقرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) يردّدها؛ فلما أصبح جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، وكان الرجل يتقالّها (أى يعتقد أنها قليلة فى العمل) «٥»؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «والذى نفسى بيده إنها لتعدل ثلث القرآن»، وعنه قال: قال النبى صلّى الله عليه وسلم لأصحابه: «أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن فى ليلة»؟ فشق ذلك عليهم، وقالوا: أيّنا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: «الله الواحد الصمد ثلث القرآن» وفى شرح العينى على البخارى فى فضائل القرآن: قوله «الله الواحد الصمد»، كناية عن «قل هو الله أحد». وخرّج مسلم من حديث أبى الدرداء بمعنى الحديث السابق، وخرّج عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «احشدوا فإنى سأقرأ عليكم ثلث القرآن» فحشد من حشد (أى اجتمع من اجتمع)، ثم خرج نبى

(١) زاد المسير في علم التفسير ٩/ ٢٦٦.
(٢) الطبرى ٣٠/ ٣٤٣.
(٣) الدر المنثور ٦/ ٤١٠.
(٤) زاد المسير ٩/ ٢٦٦.
(٥) هذا الشرح ليس فى المتن.


الصفحة التالية
Icon