ومن فضل الله تعالى أن جعلها باقية فى زمن النبى صلّى الله عليه وسلم وبعده «١» ولكى يحرص المسلمون على اغتنام فضلها مع مزيد من القربات التى تنمى الإيمان وتصلح القلوب جعلها محلا لتحرى المؤمنين فى شهر رمضان، وفى العشر الأواخر منه وخاصة فى ليالى الوتر منها. روى البخارى فى صحيحه من حديث ابن عباس عن النبى صلّى الله عليه وسلم: «التمسوها فى العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر، فى تاسعة تبقى، فى سابعة تبقى، فى خامسة تبقى» «٢» قال ابن كثير بعد ما ذكر حديث البخارى هذا: فسره كثيرون بليالى الأوتار، وهو أظهر وأشهر.
وذكر ابن الجوزى الحكمة فى إخفائها فقال: ليتحقق اجتهاد العباد فى ليالى رمضان طمعا منهم فى إدراكها، كما أخفى ساعة الجمعة، وساعة الليل، واسمه الأعظم، والصلاة الوسطى، والولىّ فى الناس «٣».
هذه هى ليلة القدر التى جاء التنويه بفضلها فى سورة القدر والتى جاء فى الاحتفاء بها أيضا قوله تعالى:
تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥).
(٢) صحيح البخارى ٤/ ٢٢٦.
(٣) زاد المسير ٩/ ١٨٩، ١٩٠.