لهم من نعيم وليصيروا إلى جنات تجرى من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير.
كما تقدم السورة الكريمة تحذيرا آخر، وربطا على القلوب المؤمنة عسى أن تفيد الكافرين من التحذير، وليطمئن المؤمنون على صلة الودود سبحانه بهم. إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) كما قال تعالى: وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢) [هود] وهو الذى خلق خلقه ابتداء وهو الذى يعيدهم عند البعث، أو كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: يبدئ لهم عذاب الحريق فى الدنيا، ثم يعيده عليهم فى الآخرة. وهذا اختيار الطبرى «١». وهو سبحانه الغفور الذى يغفر الذنوب لمن تاب ورجع واستغفر وهو المحب لأوليائه ولعباده الصالحين الذين يحبونه قال ابن عباس:
المتودد إلى أوليائه بالمغفرة. وذكر الصفتين معا توجيه إلى قيمة التوبة والمغفرة «والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بفلاة» وهذا من فضل الله سبحانه على عباده.
وهو سبحانه ذو العرش المجيد، فعّال لما يريد. ألا يخشى هؤلاء من هذه صفاته؟
سبحانه. وإذا كانت قلوبهم قد غلّقت فلينظروا إلى أمثالهم من المكذبين الذين عذبوا المؤمنين من أمثال فرعون الذى ذبح الأطفال واستحيا النساء وأراد الفتك بالمؤمنين
فتبعهم بجيشه وكيف أغرقه الله؟ وكذلك ثمود كيف أهلكهم الله؟ ولكن الكافرين لا ينتفعون بهذه الدروس فلتكن هذه الدروس ربطا على قلوب المؤمنين أما الكافرون فالله من ورائهم محيط يقدر على أن ينزل بهم ما أنزل بفرعون وثمود.
وهذا الذى حكى للمؤمنين وللكافرين كلام الله سبحانه عظيم المعانى متناه فى الشرف والبركة كثير الخير والعلم ومكتوب فى اللوح، المحفوظ من وصول الشياطين إليه ومحفوظ من التغيير والتبديل.

(١) القرطبى ١٩/ ٢٩٦.


الصفحة التالية
Icon