عليه ومقدرا لعظمة الله وقدرته ومؤمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر:
أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى (٣٧) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣٩) أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (٤٠) بلى قادر. فهذه الكلمة الأخيرة نتيجة التأمل فى هذه الأطوار وفى مظاهر هذه القدرة ولذلك أخرج عبد بن حميد وابن الأنبارى عن صالح أبى الخليل قال: كان النبى صلّى الله عليه وسلم إذا قرأ هذه الآية:
أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (٤٠) قال: «سبحانك اللهم وبلى» وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال: لما نزلت هذه الآية: أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (٤٠) قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «سبحانك ربى وبلى» وأخرج ابن النجار فى تاريخه عن أبى أمامة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول عند قراءته لهذه الآية: «بلى وأنا على ذلك من الشاهدين» وأخرج أحمد وأبو داود والترمذى وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقى عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من قرأ منكم وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فانتهى إلى آخرها أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ فليقل: بلى، ومن قرأ وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فبلغ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠) فليقل: آمنا بالله». وعلى الرغم من أن فى إسناد هذا الحديث رجل مجهول إلا أنه يرشدنا مع غيره من الأحاديث إلى تأمل الآيات وتدبرها والتفاعل مع معانيها. ومنها هذه السور الكريمة التى بدأت بذكر يوم القيامة والنفس اللوامة فى أسلوب قسم يبرز المعنى ثم تتابعت الآيات الكريمة، التى تبين ما يتعلق بيوم القيامة والنفس الإنسانية فى حالاتها، وعرض أخطر القضايا فى هذه العلاقة وهى قضية البعث والاطمئنان إلى الوحى، والتصديق بما جاء به رسول الله صلّى الله عليه وسلم وغير ذلك من القضايا التى كانت قريش فى أمس الحاجة إليها فى الفترة المكية، وما بعدها.