وهمهم فلا ينفعهم توهمهم الظل الظليل وقت اللهب، قال تعالى: انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤).
سابعا: كيف يكون حال المكذبين فى يوم الفصل عند ما لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧). عن عكرمة عن ابن عباس قال: سأله ابن الأزرق عن قوله تعالى: هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وفَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً (١٠٨) [طه] وقد قال تعالى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧) [الصافات] فقال له: إن الله عز وجل يقول: «وإنّ يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون» فإن لكل مقدار من هذه الأيام لونا من هذه الألوان. وقيل: لا ينطقون بحجة نافعة، ومن نطق بما لا ينفع ولا يفيد فكأنه ما نطق. قال الحسن: لا ينطقون بحجة وإن كانوا ينطقون. وقيل: إن هذا وقت جوابهم قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (١٠٨) [المؤمنون]. وقيل: أسكتتهم رؤية الهيبة وحياء الذنوب. وأىّ عذر لمن أعرض عن منعمه وجحده وكفر أياديه ونعمه؟
ثامنا: بيان عجزهم يوم الفصل ويوم الجمع، وأنهم لا يستطيعون حيلة فى الخلاص من الهلاك. قال تعالى: هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠).
تاسعا: بيان حال الفريق الآخر الذى اتقى وأحسن وكيف يكون مصيره فى ظلال وعيون يوم لا يجد المكذبون ظلا يغنى من اللهب. قال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥).
عاشرا: الربط بين ما يتصوره المكذبون نعيما فى الدنيا وأنه لا يساوى شيئا فى نعيم الآخرة فما قيمة تمتع بأكل وغيره ويكون المصير الأبدى بعد ذلك عذاب جهنم قال تعالى: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧).
إن الذين كذبوا ولم يفيدوا من وجوه الوعيد السابقة ستكون نهايتهم أليمة عند ما يطلب منهم أن يركعوا فلا يستطيعون قال تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) قال ابن عباس: إنما يقال لهم هذا فى الآخرة حين يدعون