فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦) وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٧) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨) فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٩) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٤٠).
ومع ما قدمته السورة الكريمة من أنباء السابقين الذين كذّبوا رسلهم فأهلكهم الله ومن هؤلاء آل فرعون الذين كذبوا فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر. وبعد تقديم أنباء هؤلاء تستخلص العبرة فهل الكفار المعاصرون لنزول القرآن الكريم خير من أولئك أم لهم براءة مكتوبة من الهلاك والعذاب؟ أم يعتدون بقوتهم وجمعهم، فقد كان السابقون أشد منهم قوة؟! إن سنة الله ماضية فى أخذ الكافرين بأعمالهم ومعاقبة المجرمين بضلالهم قال تعالى: وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١) كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢) أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ (٤٣) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (٤٤) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ (٤٦) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨).
وبعد هذا البيان لعاقبة الكافرين فى الدنيا وفى الآخرة. يخاطب الناس بما يذهب الهمّ ويبدّد الحزن إنه الإيمان بالقدر إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وأن قضاء الله فى خلقه أسرع من لمح البصر وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) فهل يعى المشركون ذلك ليحذروا من الاستمرار فى غيهم وأما المؤمنون فإنهم يطمئنون إلى نصر الله وفرجه القريب والتمكين لهم فى الأرض.
لقد أهلك الله أشباه الكافرين من الأمم الخالية وكل ما فعلوه لا ينسى وإنما هو مسطور. وتبقى العاقبة للمتقين وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٥١) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥).