مثل الذى كانوا يأخذون من مائها يوم غبّها، وتصدر من هذا الفجّ فعتوا عن أمر ربهم فعقروها، فوعدهم الله العذاب بعد ثلاثة أيام، وكان وعدا من الله غير مكذوب، ثم جاءتهم الصيحة فأهلك الله من كان منهم تحت مشارق الأرض ومغاربها إلا رجلا كان فى حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله»، فقيل: يا رسول الله من هو؟ فقال:
«أبو رغال؛ فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه» قال ابن كثير: هذا الحديث على شرط مسلم وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه من حديث أبى الطفيل مرفوعا مثله.
وأخرج أحمد من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو بالحجر: «لا تدخلوا على هؤلاء المعذّبين إلا أن تكونوا باكين. فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم». وأصل الحديث فى الصحيحين من غير وجه، وفى لفظ لأحمد من هذا الحديث قال: لما نزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم على تبوك نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود.
وتناولت سورة الأعراف كذلك لوطا مع قومه الذين وقعوا فى الفاحشة التى ما سبقوا إليها، وهى: إتيان أدبار الرجال لقضاء الشهوة دون أن يمنعهم حياء وكانوا كالبهائم التى ينزو بعضها على بعض لما يتقاضاها من الشهوة، ويتجاوزون فى فعلهم هذا الزوجات من النساء اللاتى هن محل لقضاء الشهوة. ولما فسدت حالهم فى هذه العلاقات الآثمة فسدت نظرتهم إلى الأمور، والحكم على الناس فقالوا: أخرجوا آل لوط وأتباعه من قريتكم؛ لأنهم يتطهرون عن الإتيان فى هذا المأتى قال قتادة: عابوهم والله بغير عيب. وأصبح فى نظرهم الطهر عيبا يستوجب العقوبة. فأنجى الله لوطا وأهله إلا امرأته كانت من الباقين فى عذاب الله. قال تعالى: وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٨٠) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (٨١) وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٨٢) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (٨٣) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤).
وجاء بعد ذكر لوط عليه السّلام وقومه ذكر شعيب وإرساله إلى مدين، وأمره لهم بعبادة الله سبحانه وحده وحثّه لهم على الاستقامة فى البيع والشراء بإتمام الكيل والميزان، وألّا