أولستم تزعمون أن فى الجنة ذهبا وفضة وحريرا؟ قال خباب: بلى. قال فأخّرنى حتى أقضيك فى الجنة- استهزاء- فو الله لئن كان ما تقول حقا إنى لأقضيك فيها فو الله لا تكون أنت يا خباب وأصحابك أولى بها منى فأنزل الله تعالى: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا يعنى العاص بن وائل- الآيات» «١».
ومع ذكر النموذج المغرور الذى كفر بآيات الله، وطمع مع كفره فى المال والولد وسخر واستهزأ وتوعّده الله بالعذاب.
تنزل الآيات الكريمة بعد ذلك لتبين سببا من أسباب اتخاذ الآلهة من دون الله، وذلك لينالوا بها العز ويمتنعوا بها من عذاب الله وأنها ستكون عليهم بلاء: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢) لقد ترك هؤلاء الكافرون لأهوائهم كما أرسلت الشياطين عليهم تعرفهم بالكفر والشر، وتقول للواحد منهم: امض امض فى هذا الأمر حتى توقعه فى النار.
وبقاء الكافرين فى الحياة على ما قدّر الله سبحانه وكل ما يتصل بهم من لحظات وأعمال معدود عليهم عدا: أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤)، وتقدم الآيات الكريمة هذا المشهد الذى يدعو إلى التفكير كيف يحشر المتقون فى صورة كريمة إلى النعيم وكيف يساق المجرمون إلى الجحيم: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (٨٦) لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٨٧) وليس للمشركين عهد عند الله، وفى ختام السورة الكريمة تذكير بأهم ما تعالجه سورة مريم من تنزيه الله سبحانه عما لا يليق بجلاله من نسبة الولد إليه سبحانه نتيجة قصور الفهم لدى الضالين الذين لم يدركوا أن الله يخلق ما يشاء، وهو القادر الذى يقول للشيء كن فيكون، فتعرض الآيات الكريمة لقول هؤلاء الضالين وأنه منكر من القول وزورا تتفطر منه السموات وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا، والحق أن كلّ من فى السموات والأرض عبد لله من خلقه وتحت قدرته ومشيئته، وسيأتى كل إنسان إلى ربّه يوم القيامة فردا، قال تعالى: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (٨٩) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥).
وبعد ذلك تبين الآيات الكريمة مكانة المؤمنين الذين يعملون الصالحات عند الله