سورة «طه»
وهى مكية فى قول الجميع نزلت بعد سورة «مريم»، وكان نزولها قبل إسلام عمر رضي الله عنه روى الدارقطنى فى سننه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خرج عمر متقلدا بسيف فقيل له: إن ختنك وأختك قد صبوا فأتاهما عمر وعندهما رجل من المهاجرين يقال له: خبّاب، وكانوا يقرءون «طه» فقال: أعطونى الكتاب الذى عندكم فأقرأه- وكان عمر رضي الله عنه يقرأ الكتب- فقالت له أخته: إنك رجس ولا يمسّه إلا المطهّرون، فقم فاغتسل أو توضأ فقام عمر رضي الله عنه وتوضأ وأخذ الكتاب فقرأ: «طه».
وذكره ابن إسحاق مطولا: فإن عمر خرج متوشحا سيفه يريد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقتله، فلقيه نعيم بن عبد الله، فقال: أين تريد يا عمر؟ فقال: أريد محمدا هذا الصابئ الذى فرّق أمر قريش وسفّه أحلامها، وعاب دينها، وسبّ آلهتها فأقتله، فقال له نعيم: والله لقد غرّتك نفسك من نفسك يا عمر، أترى بنى عبد مناف تاركيك تمشى على الأرض وقد قتلت محمدا؟ أفلا ترجع إلى أهلك فتقيم أمرهم؟ فقال: وأىّ أهل بيتى؟ قال: ختنك وابن عمك سعيد بن زيد، وأختك فاطمة بنت الخطاب، فقد والله أسلما وتابعا محمدا على دينه فعليك بهما. قال: فرجع عمر عامدا إلى أخته وختنه وعندهما خبّاب بن الأرتّ معه صحيفة فيها «طه» يقرئهما إياها، فلما سمعوا حسّ عمر تغيّب خبّاب فى مخدع لهم أو فى بعض البيت، وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها، وقد سمع عمر حين دنا إلى البيت قراءة خبّاب عليهما، لما دخل قال: ما هذه الهينمة التى سمعت؟ (والهينمة: الكلام الخفىّ الذى لا يفهم) قالا له:
ما سمعت شيئا. قال: بلى والله لقد أخبرت أنّكما تابعتما محمدا على دينه، وبطش بختنه سعيد بن زيد فقامت إليه أخته فاطمة بنت الخطاب لتكفّه عن زوجها فضربها فشجّها.
فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه: نعم قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله فاصنع ما بدا لك. ولما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع فارعوى وقال لأخته:
أعطنى هذه الصحيفة التى سمعتكم تقرءونها آنفا أنظر ما هذا الذى جاء به محمد. وكان عمر كاتبا فلما قال ذلك قالت له أخته: إنا نخشاك عليها. قال لها: لا تخافى وحلف لها بآلهته ليردّنّها إذا قرأها، فلما قال ذلك طمعت فى إسلامه، فقالت له: يا أخى إنك نجس على شركك وأنه لا يمسها إلا الطاهر فقام عمر واغتسل فأعطته الصحيفة وفيها