سورة «الواقعة»
نزلت بعد سورة «طه» فهى مكية فى قول الحسن وعكرمة وجابر وعطاء. وأما ابن عباس وقتادة فيستثنيان آية منها نزلت بالمدينة وهى قوله تعالى: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢)، وأما الكلبى فيقول: إنها مكية إلا أربع آيات منها آيتان نزلتا فى سفره صلّى الله عليه وسلم إلى مكة وهما قوله تعالى: أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢)، وآيتان نزلتا فى سفره صلّى الله عليه وسلم إلى المدينة وهما قوله تعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠) «١».
وفى صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مطر الناس على عهد النبى صلّى الله عليه وسلم فقال النبى صلّى الله عليه وسلم: «أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا»، قال: فنزلت هذه الآية: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨٠) أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢) «٢».
وعلى ذلك تكون الآيات المدنية عشر آيات منها: هذه الآيات الثمانية والآيتان:
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبى صلّى الله عليه وسلم خرج فى سفر فعطشوا، فقال النبى صلّى الله عليه وسلم:
«أرأيتم إن دعوت الله لكم فسقيتم لعلكم تقولون: هذا المطر بنوء كذا» فقالوا: يا رسول الله ما هذا بحين الأنواء. فصلّى ركعتين ودعا ربّه فهاجت ريح، ثم هاجت سحابة فمطروا، فمرّ النبى صلّى الله عليه وسلم ومعه عصابة من أصحابه برجل يغترف بقدح له وهو يقول: سقينا بنوء كذا ولم يقل: هذا من رزق الله فنزلت: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢) أى: شكركم لله على رزقه إياكم أنكم تكذبون بالنعمة وتقولون: سقينا بنوء كذا.
وفى الموطأ عن زيد بن خالد الجهنىّ أنه قال: صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل (أى بعد مطر) فلما انصرف أقبل على
(٢) القرطبى ١٧/ ٢٢٨، ٢٢٩، وفتح القدير ٥/ ١٦٣.