الناس وقال: «أتدرون ماذا قال ربكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «أصبح من عبادى مؤمن بى وكافر بالكوكب... فأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك مؤمن بالكوكب كافر بى» «١».
وعلى ذلك فإن سورة الواقعة تتضمن تصحيح نظرة الإنسان إلى آيات الله الكونية، فإن هذا الكون بما فيه من آيات كونية من خلق الله سبحانه فهو الذى خلقها وهو الذى يسيرها وفق حكمته ومشيئته فلا يتوجّه إلى الآيات، ولا ينسب إليها فعل، فلا حول لها ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. ونستطيع أن نجد تأسيس النظرة الصحيحة إلى الكون فى سورة الواقعة فيما يلى:
أولا: نظرة التوافق والانسجام، فالكون بآياته يسبح لله، طائع له، فإذا كان الإنسان كذلك طائعا لربه مستجيبا لأمره ونهيه شعر بالألفة والحب نحو هذا الكون للتوافق فيما بينهما.
ثانيا: نظرة التأمل والاعتبار فلا يمر المؤمن عليها بغفلة، وإنما يستدل منها على قدرة خالقها سبحانه وعظيم صنعه فيؤمن بقدرة الله سبحانه فلا يستصعب البعث والحساب وما يكون إذا وقعت الواقعة.
ثالثا: نظرة التسخير والانتفاع فإن الله سبحانه جعل فى هذه الآيات ما يستمتع به الإنسان وينتفع به فى حياته فيزداد بالتفكير فى آيات النعمة حبا للمنعم سبحانه والعمل لمرضاته.
نتعلم هذا من سورة الواقعة فيما تثيره من تساؤلات عن النطفة وعن الحرث وعن النار التى ينتفع بها الإنسان وهكذا. فإذا ما استقامت نظرة الإنسان إلى الكون بهذه الصورة تهيأ لما سيكون بعد الموت وما سيكون إذا وقعت الواقعة.
ولذلك سيكون فى حياته عابدا لربه شاكرا له فيكافأ بالعطاء فى الدنيا والجزاء العظيم فى الآخرة؛ لهذا جاء فى فضل تلاوة سورة «الواقعة» ما أخرجه البيهقى فى الشعب عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من قرأ سورة الواقعة، كلّ ليلة لم تصبه فاقة أبدا» وذكر ذلك أيضا ابن عبد البر فى التمهيد كما سميت فى روايات أخرى بأنها سورة الغنى «٢».
ومما تضمنته سورة «الواقعة» من المعانى على ترتيب نزولها، بعد أن نزلت آيات كثيرة فى السور الكريمة السابقة تذكر يوم القيامة وما يحدث فيه من بعث ونشور وما
(٢) فتح القدير ٥/ ١٤٦.