رضي الله عنهما أنه قال: فصل القرآن من الذكر فوضع فى بيت العزة من السماء الدنيا فجعل جبريل يتنزل به على النبى صلّى الله عليه وسلم.
كما أخرج النسائى والحاكم والبيهقى من طريق داود بن أبى هند عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا ليلة القدر، ثم أنزل بعد ذلك فى عشرين سنة، ثم قرأ: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣) [الفرقان]. وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا (١٠٦) [الإسراء] وأخرج الحاكم والبيهقى وغيرهما من طريق منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النجوم، وكان الله ينزله على رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعضه فى إثر بعض.
فهذه أحاديث مما ذكره السيوطى- موقوفة على ابن عباس رضي الله عنهما. ولها حكم المرفوع إلى النبى صلّى الله عليه وسلم لما هو معروف من أن قول الصحابى فيما لا مجال للرأى فيه، ولم يعرف بالأخذ عن الإسرائيليات له حكم المرفوع. ونزول القرآن إلى بيت العزة من أنباء الغيب التى لا تعرف إلا من المعصوم صلّى الله عليه وسلم، وابن عباس رضي الله عنهما لم يعرف بالأخذ عن الإسرائيليات، وعلى ذلك يثبت الاحتجاج بهذه الروايات.
التنزل الثالث: وهو تنزل النور الذى أضاء الدنيا وأخرج الناس من ظلماتهم، والذى جاء فى قوله تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) [الشعراء]. وهذا التنزل الثالث هو نزول القرآن فيه مفرقا ومنجما والذى سنتعرف- إن شاء الله- بعد ذلك على أول ما نزل وآخر ما نزل بعد مدارستنا لحكمة هذه التنزلات.


الصفحة التالية
Icon