تجارب الأمم السابقة مع رسلهم وكيف كانت عاقبة المؤمنين، وفى الوقت نفسه تعرض أمام المعاندين نتائج عناد من سبقهم، وهذا لا يتأتى بنزول القرآن جملة واحدة، فكيف يخاطب قوم بمثل قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٥٥) [النور]، كيف يخاطبون بذلك ولم يدخلوا مثل هذه التجربة؟ وكيف تحكى غزوة الأحزاب ولما تحدث بعد؟ وكيف يحكى يوم حنين ولما يأت بعد؟ إن من دلائل الإعجاز أن يكون كل هذا مسطورا فى اللوح المحفوظ قبل أن يحدث بين المؤمنين والكافرين، وأن يكون محفوظا فى بيت العزة، وأن ينزل مفرقا حسب ما شاء الله وعلى ما يناسب وقت التنزيل: قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً
(٦) [الفرقان] ويتضح ذلك جليا عند تمام الحديث عن حكم نزول القرآن مفرقا فى الوجه الثالث الذى يتعلق بمنهج التبليغ للناس.


الصفحة التالية
Icon