وقيل إذا صار الناس يبصرون فيه، فهو مبصر، كلولك: رجل مخبث، إذا كان أهله خبثاء، ورجل مضعف: دوابه ضعاف، والنهار بصر: أهله بصراء. ومبصر فيه أجود. وهو كقولهم: أحمق الرجل، إذا جاء بأولاد حمقى وأصرم النخل، إذا أذن بالصرام وألبن الرجل صار ذا لبن.
ويجوز أن يكون أصل الكلمة من الصلابة ويصر الشيء: حيث يغلظ، تقول: هذا بصر الجبل والحائط، وبصر السماء؛ لأنه أقرب ما يبصر منها وهو أغلظها في رأي العين. وبصائر الدم: طرائقه على الجسد.
والبصر في القرآن على ثلاثة أوجه:
الأول: البصر بالقلب، قال الله: (أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ) يعني: عمى القلب وبصر القلب.
ونحوه قوله: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ)، يعنى: المؤمن الذي يعلم والكافر الذي لا يعلم، ويجوز أن يكون بصر العين وعماها، ويكون المراد التنبيه على المنفعة بالإيمان، لأنه مشبه بالبصر، والمضرة بالكفر، لأنه مشبه بالعمى. الثاني: بصر العين، قال: (فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا).
وقال: (فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا).
الثالث: البصر بالحجة، وهو راجع إلى الوجه الأول، قال تعالى: (لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا). جاء في التفسير أنه أراد: لم جعلتني أعمى عن الحجة، وكنت في الدنيا بصيرا بها، ويجوز أن يكون من بصر العين، وأن اللَّه يشحره أعمى العين ليجعله نكالا لمن خلفه.