البطلان
أصله من الذهاب وسمي الباطل باطلا لأنه لا ثبات له مع الحق، على حسب قوله تعالى: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا). ورجل بطل: شجاع، لأنه إذا قاوم قرنا لم يقم له القرن. والبطل والباطل سواء.
وهنا الحرف وما يتشعب منه في القرآن على خمسة أوجه:
الأول: الكذب، قال: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ) يعني: الكذب، إذا لم يكن قبله كتاب يشهد بتكذيبه، ولا يجيء بعده كتاب يكذبه. ويجوز أن يكون معناه: إن الله يحفظه من أن ينفض؛ فيأتيه الباطل من بين يديه، أو يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلفه. وعلى هذا تأويل قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
الثاني: الإحباط، قال: (لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ) أي: لا تحبطوها، بالمن والأذى وقال: (لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ).
والثالث: خلاف الحق، قال اللَّه تعالى: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ) وقيل: يعني: به هاهنا الشرك. فإذا جعلته خلاف الحق كان أعم.
والمراد على القول الأول أن الإسلام قد جاء فهلك الكفر وذهب. والزهوق والزهق: الهلاك،: (إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) أي: من شأن الباطل إذا جاء الحق أن يذهب ويبطل ولا يثبت، وذلك من شأنه في ما تقدم، فكان هنا يفيد ما قلناه.