وجاء في التفسير أن التأويل هاهنا منتهى مدة ملك أمة محمد - ﷺ - وذلك أن اليهود حسبوا ليعلموا ذلك، فأعلمهم الله أنه لا يُعرف ذلك بالحساب، وإنما يُعرف من قبل الله تعالى.
والتأويل والتفسير واحد، لأن معنى التأويل يعود إلى التفسير، ويفرق بينهما من وجه ذكرناه في " كتاب الفروق " وهو أن التفسير هو الإخبار عن إفراد آحاد الجملة، والتأويل: الإخبار بمعنى الكلام، وقيل: التفسير إفراد ما انتطمه ظاهر التنزيل، والتأويل: الإخبار عن غرض المتكلم بكلامه.
والثاني: عاقبة الأمر وما يؤول إليه، وهو قوله تعالى: (هَلْ يَنْظرونَ إِلا تَأوِيلَهُ) يذكر قوما أوعدوا بالعذاب، فتطلعوا عاقبة ما أوعدوا به رادين له، فقال: هل ينظرون إلا تأويل ذلك المصير وتلك العاقبة، أي: مرجعه ومآبه.
وقوله: (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) أي: لم تأتهم عاقبة ما وعدهم في القرآن أنه كائن في الآخرة من الوعيد، ولم يعن أنه لم يأتهم العلم وتفسيره، لأن جميع ما في القرآن مفهوم المعنى، ولو كان فيه شيء لا يفهم معناه لم يكن لإنزاله وجه.
ومثل ذلك قوله تعالى: (ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) أي: عاقبة.
والثالث: تعبير الرؤيا، قال: (وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ) يعني: تعبير الرؤيا. وقال: (نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ) وقال: (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ) وقال: (وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ) يعني: بجميع ذلك تعبير الرؤيا، وسميت الرؤيا أحاديث؛ لأن منها ما يصح، ومنها ما لا يصح، مثل الأحاديث التي يتحدث بها صدقا وكذبا. فأما رؤيا الأنبياء عليهم السلام خاصة فيقين.