الحكمة
ْأصلها المنع، يقال: أحكمت الرجل عن كذا، أي: منعته عنه، وسميت الكلمة الواعظة حكمة، لأنها تمنع عن التورط في الجهل، ومن ثَمَّ قيل: حكمة الراية، وقال جرير:

أبني حَنِيْفَةَ أَحْكِموا سُفَهاءَكمْ إني أخافُ عليكمُ أَنْ أَغْضبا
وسمي الحكم حكما؛ لأنه إذا تم منع عن التخاصم، وسمي العلم حكمة؛ لأنه يمنع صاحبه من الموارد القبيحة التي يردها الجاهل.
وتسمية الله بأنه حكيم على وجهين:
أحدهما: يستحقه لذاته، وهو أنه عالم.
والآخر: يستحقه لفعله، وهو أن أفعاله محكمة، وفعيل بمعنى مفعل معروف في اللغة، يقال: سمع بمعنى سمع، قال عمرو بن معدي كرب:
أمن ريحانة الداعي السميع
ومجيء فعيل بمعنى مفعل، وفي القرآن: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) وبصير بمعنى مبصر، وهذا من الأول.
والحكمة في القرآن على خمسة أوجه:
الأول: الحلال والحرام والسنن والأحكام، قال اللَّه: (وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ) فالكتاب القرآن، والحكمة ما فيه من وجوه التحليل والتحريم ومعرفة الشريعة كلها، والدليل على صحة ذلك أنه أتى بذلك بعد بيان الأحكام،......


الصفحة التالية
Icon