وليس في الإسلام ما لا سبيل إلى الخلاص من عقوبته، ويحتج به فيما اختلف فيه من الحوادث، قيل: إن ما أدى إلى الضيق وهو مفي، وما أوجب التوسعة فهو أولى، وقال: (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا) والمعنى أنه تعالى يمنعهم الطاعة التي يشرح مع أمثالها قلوب المؤمنين جزاء بما قدموا من الذنوب، ودليل ذلك قوله في آخر الآية: (كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) فيحلهم الذنب كما تسمع.
الثالث: الإثم، قال الله: (وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) أي: إثم، وقوله: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ) وإذا لم يكن عليه مع العمى إثم، فكيف يكون مع عدم القدرة عليه الإثم والعقاب.
وقال الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: إن المسلمين كانوا إذا غزوا خلفوا زمناهم وعميانهم في بيوتهم، ودفعوا إليهم المفاتيح، وقالوا لهم: أحللنا لكم أن تأكلوا منها؛ فكانوا يتحرجون من ذلك فنزل قوله: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ).
وذهب أبو علي رحمه الله إلى أن معنى قوله: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ) أنه ليس عليه ضيق في ترك القتال، والصحيح الذي قلنا، والدليل على ذلك قوله: (وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) فتلى ذكر الأكل بذكر الأكل، وليس بالوجه أن يتلو ذكر الحرب بذكر الأكل