الخيانة
الخيانة ترك الوفاء للمؤتمن، وأصله من النقص تخونه إذا تنقصه، وبين الخائن والسارق فرق، وكل سارق خائن، وليس كل خائن سارقا.
والخيانة في [القرآن] على وجهين:
الأول: المعصية، قال اللَّه: (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ) وقال: (لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ) كذا قيل، والصحيح أنه أراد أنكم تنقصون أنفسكم من شهواتها بامتناعكم عن مباشرتهن لنهينا إياكم، والمخاطبة على هذا عامة، ويجوز أن تكون خاصة لقوم لا يصرون على الفرض، فيتركونه فينقصون أنفسهم الثواب، ويقال: ما يتخونك عندى إلا خصلة، أي: ما ينقصك.
الثاني: خيانة المؤتمن، قال الله تعالى: (وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا) نزلت في [طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ]، رجل من بني ظفر من الأنصار، سرق درعا من حديد، وأخفاها في جراب دقيق، وأودعها يهوديا، فاطلع عليه فعذره بنو ظفر عند النبي - ﷺ -، وألزموا اليهودي الذنب، فهمَّ النبي - ﷺ - بعقوبته، فأنزل اللَّه: (وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا) أي: معينا واستغفر اللَّه من همِّك باليهودي، ثم خاف [طُعْمَةُ] القطع فهرب إلى مكة فنقب بيت الحجاج بن غلاط، فتشبث في النقب فأخذ ثم خلي لجواره فمضى نحو الشام فسرق في منزل نزله، فرمي بالحجارة حتى قتل، وفيه نزل: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) قال ابن عباس: (تَختَانُونَ أنفُسَكُم) أي: تظلمونها بالخيانة، وقيل: لا تنصحون لتعرضكم إياها للعذاب الدائم