والجعل هاهنا بمعنى القضاء، أي: قاض لك بالتقدم على الناس بالنبوة ليقتدوا بك،: (قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)، يجوز أن يكون سؤالا: (أن يجعل من ذريته أنبياء، ويجور أن يكون استخبارا، فقال: (قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)، أيِ: - ينال عهدي المؤمنين من ذريتك دون الظالمين لأنفسهم.
والعهد هاهنا: النبوة والوحي، وقيل: الرحمة، وقيل: الوعد، والأول الوجه.
ْ.. ومثله: (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)، أي: الطُف بنا حتى
نصير من التقوى والصلاح بحيث يقتدي بنا المتقون. ويجوز أن يكون المعنى: حتى نكون يوم القيامة في أئمة المتقين نتقدمهم في المضي إلى الجنة ويتبعوننا.
وقال: إماما، ، وأراد أئمة، سمَّاهم بالمصدر.
أمَّ يؤم إماما وإمامة، كما تقول: جل جلالا وجلالة، ومثله: الكتاب والكتابة، وقيل: معناه: اجعلنا للمقين بالائتمام بهم، أي: اجعلنا أتباعا لهم.
ونحوه قوله تعالى: (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً)، ، يعني: التوراة يقتدى بها.
الثاني: الكتاب، قال الله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ)، أي: بكتابهم الذي فيه أعمالهم. وقيل: بداعيهم الذي دعاهم إلى الهدى أو الضلالة. وقيل بدينهم.
الثالث: قوله تعالى: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ)، يعني: اللوح المحفوظ، والشاهد قوله: (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ)، أي: نكتب ما سلف من أعمالهم، وما أثروه في الدنيا من سنن الخير أو الشر، ثم قال: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) أي: وكتبنا كل شيء في اللوح المحفوظ؛ لتعتبر الملائكة بما يكون من ذلك لأوقاته، لا لمخافة النسيان؛ لأن النسيان لا يجوز على الله.